كشفت دراسة لافتة عن أن ثلث النساء اللاتي يعانين حالة صحية ينتظرن لمدة ثلاث سنوات أو أكثر قبل أن يتم تشخيص مرضهن.
ووجدت الدراسة عينها أن نصف هؤلاء النساء لم يحصلن على نتائج التشخيص قبل عام أو أكثر.
وفي هذا الصدد، يقول أطباء الأمراض النسائية لصحيفة “اندبندنت” إن تأجيل مواعيد التشخيص يشكل خطراً على صحتهن النفسية ويعرض صحتهن الجسدية للخطر.
وكشف التقرير الذي نشر حصرياً في صحيفة “اندبندنت” عن أن امرأة من أصل 10 نساء ممن تم استفتاؤهن طلبن الرعاية الصحية الخاصة بصحة المرأة، وما زلن ينتظرن نتيجة التشخيص.
وقام باحثون من مستشفى الملك إدوارد السابع، وهو مستشفى خيري مستقل، باستطلاع شمل أكثر من ألف امرأة، وتوصلوا إلى أن ما يقدّر بثلاثة ملايين امرأة في المملكة المتحدة يعانين مشكلات صحية نسائية لم تشخص بعد، وثلثهن لم يتم تشخيصهن بشكل رسمي، ولم يتجه ما يقارب الربع منهن إلى طلب الرعاية الطبية.
كما أشارت الدراسة إلى أن امرأة من بين كل أربع نساء تقريباً يعانين أعراض المرض تقول إن هذه المشكلات الصحية أثرت في صحتها النفسية في حين سعى نصف النساء إلى تغيير نمط حياتهن لتخفيف الوجع بما يشمل الحمية الغذائية والتمارين الرياضية وتقليص عدد ساعات العمل وبناء حياة اجتماعية والبحث عن طرق علاجية بديلة.
كما أفادت الدراسة بأن المشكلات الصحية التي تعانيها النساء تتراوح بين التهاب بطانة الرحم والنزيف الحاد خلال الدورة الشهرية، إضافة إلى الأورام الليفية والتبول اللاإرادي ومتلازمة المبيض المتعدد التكيسات وفرط نشاط الغدة الدرقية وقصورها، إضافة إلى سن اليأس ومشكلات الخصوبة ومشكلات الوظائف الجنسية وأنواع عديدة من السرطانات مثل سرطان المبيض والمهبل وسرطان الرحم وسرطان عنق الرحم.
وعلق طبيب مستشار في الأمراض النسائية وجرّاح في مستشفى الملك إدوارد السابع الدكتور سردجان ساسو لصحيفة “اندبندنت”،”قد يؤدي التشخيص المتأخر إلى مضاعفات خطرة على الحياة المهنية والشخصية لأن هذه المشكلة تؤثر بشكل لافت في حياة النساء اليومية، ويجب بالتالي معالجتها بشكل مناسب وجدي. أما الجانب المظلم من هذا الوضع فهو أن هذه الحالات قد تكون حالات سرطانية يتم تشخيصها في مراحل متأخرة من المرض”.
وحذر الدكتور ساسو الذي يعمل في مستشفى الملكة شارلوت وتشيلسي في لندن من أن فترات الانتظار الطويلة ناجمة عن مجموعة من المشكلات ابتداءً من وباء كورونا إلى الأزمات الاقتصادية.
وصرح قائلاً، “ثمة العديد من الأسباب التاريخية المعقدة والاجتماعية على مر السنين أدت إلى التغافل عن الصحة النسائية، وهذا شيء لا بد أن نعالجه كمجتمع، ولا يمكننا إنكار الشوط الطويل الذي قطعناه، ولكن لا نزال لم نحقق المراد”.
وعلقت طبيبة مستشارة النساء والتوليد ليا ديوتش على صحيفة “اندبندنت” أن نتائج الدراسة كانت مثيرة للقلق، حيث يحاولون الآن إنهاء الملفات المتراكمة في مستشفاها الخاص، وحاولوا فتح عيادات إضافية للمساهمة للحد من هذا الأمر.
وأضافت الطبيبة المستشارة قائلة، “تضطر النساء للانتظار لمدة طويلة ليتم فحصهن، وهذا ما شهدته أنا شخصياً، الأمر الذي جعل حالاتهن الجسدية والصحية صعبة للغاية، وتمتد هذه المعاناة الفظيعة لتؤثر في حياتهن من الناحية المهنية والاجتماعية ورفاهيتهن”.
“يوجد بعض الحالات المحالة لي كانت فترة انتظارها من 6 أشهر إلى12 شهراً، ويوجد بصيص أمل يحمل في طياته حلولاً لمشكلاتهن”.
وقالت كذلك إن تأجيل الكشف عن الأمراض النسائية يصنف كنوع من انواع الوباء واسع النطاق، وإضافة إلى إرهاق الموظفين وارتفاع الطلب على الخدمات والعلاقة التي تربطها بانخفاض أعداد موظفي هيئة الخدمات الصحية الوطنية.
واستأنفت الدكتورة ليا حديثها قائلة، “وعلى عكس ما اعتدن عليه سابقاً عندما كن يكبحن معناتهن، إذ إنهن في الوقت الحالي أصبحن مثقفات، ويسعين لطلب المساعدة، وقد أغلقت أبواب عيادات الأمراض النسائي بسبب إجراءات مكافحة الوباء.
وأضافت قائلة، “لم تكن الرعاية بالمرأة من الأولويات، ويعتقد النساء أن معاناة آلام الدورة الشهرية ونزيف الحيض الحاد أمر قد لا يكون مقبولاً اجتماعياً، ويزعم المتخصصون في الرعاية الصحية أن هذا الأمر طبيعي، ومن الجدير بالذكر أنه لا يوجد أي تقدير لمدى خطورة والإعاقة التي تشكلها هذه المشكلات”.
وكل ما ذكرته الدكتور ليا كان نتيجة البحث الذي نشر السنة الماضي، وكان القائمون عليه أطباء توليد وأمراض نسائية في الكلية الملكية، حيث أظهر هذا البحث قوائم الانتظار الخاصة بأمراض علم النساء، وقد سجلت هذه القوائم أعلى ارتفاع في جميع الحالات الطبية.
وصرح المتحدث الرسمي باسم هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية قائلاً “نشهد تقدماً ملحوظاً في معالجة التراكمات الناتجة من وباء فيروس كورونا، ويشمل هذا التطور إنهاء الانتظار لمدة سنتين لتلقي الرعاية الصحية”.
وأضاف أيضاً “ومع تكاتف الموظفين وإحالة الأرقام المسجلة للمرضى للفحص والتحقق، فإننا نأمل أن تكون رسالتنا واضحة وموجهة للنساء، فإذا انتابك القلق في شأن صحتك تواصلي مع طبيبك العام، ونحن كهيئة الخدمات الصحية الوطنية هنا لخدمتك، وقد يسهم فحص بسيط أن يقلب الموازين وينقذ حياتك”.