حظِيَ الفنان التشكيلي النيجيري، مالك أفيجبوا، باهتمام كبير حول العالم، عندما نشر صوراً على وسائل التواصل الاجتماعي، الشهر الماضي، تُظهر مجموعة من كبار السن يسيرون على ممشى للأزياء، مرتدين ملابس أنيقة وملونة.
وتتحدّى الصور التي تحمل عنوان “The Elders Series” الصور النمطية حول كيفية النظر إلى كبار السن، والوجوه والأجساد الأفريقية التي غالبًا ما كانت بعيدة عن عالم الموضة.
وأوضح أفيجبوا، 38 عامًا، أنّ “مصدر الإلهام وراء (هذه السلسلة) كانت أمي.. لقد أصيبت بجلطة دماغية، وأنا مقرّب جدًا من والدتي.. كنت بحاجة إلى وسيلة للتعبير عن نفسي وعدم التفكير بأنها على جهاز الإنعاش.. أردت أن أفكر بأنها في مكان سعيد”.
لكن ما يلفت الانتباه حقًا في الصور أنّ عرض الأزياء الرائد لم يحدث أبدًا في الواقع.
وفيما تبدو الصور كأنّها ملتقطة خلال حدث حقيقي، إلا أنها أُنشئت بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي (AI).
وقبل 12 عامًا، كان أفيجبوا مصورًا فوتوغرافيًا وفنانًا بصريًا هاويًا عندما حصل على كاميرا “كانون” كهدية. وقال إنها أعطته الفرصة لبدء إنتاج مقاطع فيديو.
ويذكر أنه عمل على إنشاء العديد من الأفلام ومقاطع الفيديو الخاصة بالشركات. وأنتج الحلقة الثانية والثالثة من برنامج نتفلكس Made By Design، إضافة إلى فيلم وثائقي عن السيرة الذاتية للمصممة النيجيرية، نايكي ديفيز أوكونداي.
ويستخدم بدوره منصة Midjourney للذكاء الاصطناعي، التي تنشئ الصور استجابةً للمطالبات النصية.
ويقول أفيجبوا إنه يجرّب عبارات مختلفة، وينقّح مصطلحات البحث الخاصة به، حتى يحصل على الصورة التي يحبها، ثم يقوم بتحريرها مستخدمًا برنامج فوتوشوب.
ويكرر الفنان التشكيلي نفس العملية حتى يحقّق الأثر الذي يبحث عنه.
وقال: “عندما يتعلّق الأمر بالذكاء الاصطناعي، فإنك تضع نصًا موجهًا، يمنحك أمرًا عشوائيًا.. تستمر بالغوص في أعماق متفاوتة إلى أن تجد ما تريد”.
وكان هناك الكثير من الجدل حول التحيز العنصري والجنسي في عالم الذكاء الاصطناعي. ويمكن أن تكون تقنية التعرف على الوجه أقل دقة بالنسبة للبشرة الداكنة عن البيضاء.
ولوحظ أيضًا أنّ منصات الذكاء الاصطناعي الفنية يمكنها إنتاج صور تعكس التحيّزات الثقافية الموجودة على الإنترنت.
وأوضح الفنان التشكيلي: “عندما تضع كلمة (أفريقي)، فإنهم يبدون أقل أناقة، وفي بيئة أقل جمالًا”.
ومن خلال عمليات البحث المتكرّرة، وباستخدام أشكال مختلفة من الرسائل النصية، قال أفيجبوا إنه كان قادرًا على تدريب الذكاء الاصطناعي وتحسين الصور التي ينتجها لذوي البشرة الداكنة.
ويعتقد أفيجبوا أنّ الذكاء الاصطناعي قد يكون أداة قوية للفنون، وتحديدًا في مجالي السينما والتلفزيون.
وأضاف: “إنه وُجد ليبقى.. سيتطوّر ويتحسّن”. لكنه لفت إلى أنّ دور المبتكر البشري لا يزال أساسياً، موضحًا أنّ “الذكاء الاصطناعي ليس كل شيء. لا يمكنه التفكير بمفرده، ثمة دومًا إنسان وراءه، لوضع الأمور موضع التنفيذ”.
وتشمل مشاريعه الأخرى للذكاء الاصطناعي إنشاء مدينة افتراضية مستقبلية اسمها “نغوتشولا”، يسكنها أناس شجعان، ورائعون، وأفارقة.
وأوضح أفيجبوا إنه أراد أن تعكس المدينة الحضارات الأفريقية القديمة، و”القوة التي يمكن أن تلعبها التكنولوجيا في ذلك المجتمع” لولا الاستعمار.
لكن، استطاعت سلسلة “The Elders Series” أن تجذب أكبر قدر من الاهتمام.
ومنذ مشاركته للصور، تمت دعوة الفنان التشكيلي لعرض أعماله في صالات عرض في الولايات المتحدة، وفرنسا، والبرازيل، كما وقّع صفقة للعمل مع أحد أفلام هوليوود.
لكن ربما أكثر ما أسعده هو التقدير الذي تلقاه لتسليطه الضوء على كبار السن على نحو إيجابي.
وأشار إلى أنّ “العديد من الجمعيات التي تُعنى بكبار السن، تواصلت معي وأعربت عن رغبتها بالتعاون معي” مضيفًا أنّ “منظمة الصحة العالمية اتصلت به كي تخبره بأنّها تعتبر عمله “مساهمًا رئيسيًا وإيجابيًا في الجهد العالمي الذي تبذله منظمة الصحة العالمية/ الأمم المتحدة من خلال عقد التمتع بالصحة في مرحلة الشيخوخة”.
وخلص أفيجبوا إلى أنّه “لم أعتقد أنه سيكون لذلك (أزيائي) صدى عالميًا على هذا النحو. وأنا سعيد لأن ذلك أثار هذا النقاش بين الناس”.