قال وزير الخزانة البريطاني جيريمي هانت، في خطاب ألقاه يوم الجمعة في لندن لمقاومة لدعوات بعض في حزب المحافظين إلى إعفاءات ضريبية فورية على الشركات والناخبين، إن “ترويض التضخم أكثر أهمية في الوقت الحالي من خفض الضرائب”.
هذا وقد بلغ معدل التضخم السنوي في المملكة المتحدة أعلى مستوى له في أربعة عقود بنسبة 11.1 في المئة خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الأمر الذي أدى إلى تصاعد أزمة كافة المعيشة وحدوث موجة من الإضرابات من قبل العمال الذين يسعون إلى زيادة الأجور لمواكبة ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة.
ومنذ ذلك الحين، تراجع التضخم حتى وصل إلى 10.5 في المئة خلال ديسمبر (كانون الأول) وهو الأعلى منذ ثمانينيات القرن الماضي.
من جانبه، وعد رئيس الوزراء ريشي سوناك بخفض معدل التضخم إلى نصف مستوياته الحالية بحلول نهاية العام.
هانت بدوره قال إنه يريد لبلاده أن تمتلك اقتصاداً منخفض الضرائب، ولكن “مع الأسواق المتقلبة والتضخم المرتفع، يجب أن تكون الأولوية لرفع القدرة الشرائية للجنيه الإسترليني”. وقد يكون هذا إشارة إلى عدم رغبته في إقرار أي خفض للضرائب عندما يقدم بيان موازنته السنوية في مارس (آذار) المقبل.
اهتز اقتصاد المملكة المتحدة، شأنه شأن عديد من اقتصادات الدول الأخرى، بسبب القيود التي رافقت الجائحة والصدمات التي أعقبت الهجوم الروسي على أوكرانيا. كما عانت بريطانيا من الضرر الذي ألحقته بنفسها خلال فترة ليز تراس القصيرة كرئيسة للوزراء العام الماضي. إذ استقالت في أكتوبر (تشرين الأول) بعد أن أدت خطتها الخاصة بتخفيضات ضريبية غير ممولة بالمليارات إلى إثارة الفزع في الأسواق المالية، ورفع كلفة الاقتراض ودفع الجنيه الاسترليني للهبوط إلى مستويات قياسية في مقابل الدولار الأميركي.
تم تعيين هانت لتثبيت الاقتصاد في الأيام الأخيرة من الأسابيع السبعة لفترة حكم تراس ليستمر في منصبه بعد استلام خليفتها سوناك.
هذا وقد بلغ التضخم في بريطانيا مستويات هي الأعلى مما هي عليه في الولايات المتحدة والدول الـ20 التي تستخدم عملة اليورو، مع توقعات لمعظم الخبراء بأن ينكمش اقتصاد المملكة المتحدة في النصف الأول من العام الحالي.
وفي خطابه في مقر وكالة أنباء “بلومبرغ” ، رأى هانت بأن التغييرات في اللوائح المالية والقواعد الأخرى، التي أصبحت ممكنة بفضل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ستساعد في تعزيز معدل الإنتاجية المنخفض في المملكة المتحدة.
فبعد ثلاث سنوات من خروج بريطانيا رسمياً من الاتحاد الأوروبي، وبعد أكثر من عامين على اكتمال عملية الخروج، لا تزال حكومة المحافظين تكافح من أجل تقديم عديد من الفوائد الاقتصادية التي وعد بها السياسيون المؤيدون لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. هذا إذا ما علمنا أن معظم الاقتصاديين يرون بأن “بريكست” ألقى بثقله على الاقتصاد من خلال جعل التجارة مع الاتحاد الأوروبي المكون من 27 دولة أمراً صعباً على الشركات التي تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها.
وقال هانت إن “التغييرات التي استلزمها (بريكست) ونشطها وجعلها ممكنة، ستساعد في جعل بريطانيا وادي السيليكون التالي في العالم”، رائدة في التكنولوجيا الرقمية والطاقة الخضراء وعلوم الحياة.
وأضاف: “نحن بحاجة إلى جعل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي حافزاً لاتخاذ خيارات جريئة ستستفيد من المرونة التي يتيحها ذلك”. مشيراً إلى أن “بريطانيا بحاجة إلى موقف أكثر إيجابية تجاه المخاطرة، وهي حذرة للغاية مقارنة بأصدقائنا في الولايات المتحدة”.
هانت ذكر أيضاً بأن بريطانيا ستلغي “سولفينسي الثاني” Solvency II، وهو كتاب القواعد الأوروبية التي تتطلب من شركات التأمين الاحتفاظ بمبالغ ضخمة من النقد في موازنتها العمومية. مضيفاً إلى أن “تخفيف القيود قد يفتح ما يصل إلى 100 مليار جنيه استرليني (124 مليار دولار) من الاستثمار على مدى عقد من الزمان في مشاريع البنية التحتية الضخمة والطاقة النظيفة”.
فيما وصف النقاد خطاب هانت بأنه “يفتقر إلى التفاصيل”. وقالت راشيل ريفز، وزيرة الخزانة في حكومة الظل العمالية المعارضة، أن المحافظين في السلطة منذ عام 2010 “وهم لا يملكون خطة لا للوقت الحالي، ولا للمستقبل”.
المصدر: إندبندنت عربية