أثارت صورة منتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي كثيرا من الجدل كما أثارت موجة من السخرية وفتحت من جديد النقاش حول فكرة قائمة المنقولات أو ما يعرف ب “القايمة”
“مَن يؤتمن على العِرض لا يُسأل عن المال” جملة كتبها أب مصري على قائمة المنقولات الزوجية التي كان من المفترض، بحسب العرف حاليا في كثير من المجتمعات المصرية، أن يدون بها ما اشترته ابنته أو اشتراه هو لمساعدة الزوجين على تأسيس بيتهما٬ ويوقع الزوج عليها كوثيقة أنه ملزم بردها إذا طُلب منه ذلك.
وبحسب “بي بي سي ” بعضهم رحب بتصرف الأب باعتباره يؤسس لزواج مبني على المودة والرحمة، ولا داعي للدخول فيه بـ “إيصال أمانة” كما وصفه بعضهم أو اعتبار الزيجة مثل صفقة بيع وشراء.
أما كثيرون آخرون ومنهم حقوقيون مدافعون عن المرأة، فقد كان لهم رأي مختلف، إذ اعتبروا أن تصرف هذا الأب “تفريط في حق لا يملكه”.
وبالرغم من أنه ليس من المعروف متى بدأ المصريون في كتابة قوائم المنقولات الزوجية واعتبارها جزء من العرف، إلا أنه من المؤكد أنها عادة مصرية أصيلة، ليست منتشرة في ثقافات ومجتمعات عربية أخرى. ويدفع بعض الباحثين بأن أصل قائمة المنقولات يعود إلى عام 1160 ميلادية كممارسة لليهوديات عند زواجهن بمسلمين.
وتذكر إحدى الوثائق المدونة في مكتبة جامعة كامبريدج البريطانية والتي وجدت بداخل دار الجنيزة اليهودي الأثري في القاهرة مدفوعات مهر زفاف العريس وتذكر أثاث وأنواع مختلفة من الأقمشة والصناديق والأواني.
ويبدو أن الظروف الاقتصادية التي جعلت تكفل العريس بشراء وتأثيث بيت الزواج أمراً شاقاً ساهمت على مر السنوات في جعل عادة كتابة القائمة مقبولة ومنتشرة مجتمعياً.
إلا أنه وبتطور العادات وتغيير الأوضاع الاقتصادية للمجتمع، أصبح الزواج في مصر “خليطا غير مفهوم يصب في أغلب الأحيان في صالح الرجل٬” بحسب يوسف منيع الباحث في قضايا الجندر أو النوع الاجتماعي.
يوضح يوسف أنه إذا أخذ بالشرع فالرجل عليه تجهيز المنزل والتكفل بنفقات البيت وإذا اعتمدنا الحداثة والمساواة فتكون المرأة مشاركة بالنصف عند الارتباط وعند الطلاق مثلها مثل الشراكة.
“ولكن المرأة لا تأخذ حقوقها كاملة من ناحية الشرع، فلماذا الاعتراض على القائمة؟ ليس لهذا علاقة بما إذا كان العريس يؤتمن أم لا٬ لكنه تدوين للحقوق”.
يرى محمد الوقاد٬ مؤسس حملة تمرد ضد قانون الأسرة٬ أن مبدأ كتابة قائمة المنقولات قد يكون به سوء نية بالأساس٬ كما أنه يستغل للمكايدة وقد يتم التلاعب فيها بإضافة أشياء ليست موجودة أو تقديم القائمة أكثر من مرة لتحصل الزوجة على حكم بحبس الزوج وتأخذ قيمتها أيضاً.
ويوضح أن الزواج من وجهة نظره “أصبح محاولة لجمع مكتسبات وكأننا ندخل حرباً” وأن القائمة تستخدم ك “سلاح ضد الرجل للتهديد بالسجن في الخلافات.”
إذا أدخلت كلمة “القايمة” على موقع البحث أو الصفحات الدينية المختلفة٬ ستجد مئات المقالات ومقاطع الفيديو يجيب فيها أئمة وشيوخ على الحالات المختلفة. لكن وبشكل عام، أحلت دار الإفتاء المصرية الاتفاق على تلك القائمة في الزواج مع التنبيه على عدم استخدامها بشكل سيئ.
وأوضحت دار الإفتاء في أحد فتواها أن “القائمة إذا استُخدِمَت في موضعها الصحيح ولم تُستَخْدَم للإساءة ليست أمرًا قبيحًا، بل هي أمرٌ حَسَنٌ يَحفظ حقوقَ الزوجة ولا يَضُرُّ الزوجَ”.
يرى نشطاء وباحثون أنه لا يمكن تقييم فكرة القائمة بمعزل عن الظروف الأخرى المحيطة بالزواج والطلاق فبحسب رأي منيع٬ الباحث في النوع الاجتماعي٬ المرأة التي في كثير من الأحيان تجد صعوبة في الحصول على الطلاق وتضطر للدخول في قضايا كثيرة لتحصل على نفقة لها ولأبنائها٬ تجدفي القائمة استيفاء جزء من حقوقها المهدرة.
مها أبو بكر المحامية المتخصصة في قضايا الأسرة تتفق مع هذا الرأي. ففي خبرتها مع هذا النوع من القضايا٬ تقول مها إن تكييف القائمة القانوني تكييف جنائي وبالتالي يكون الحكم فيها “أسرع حق يمكن أن تتحصل عليه الزوجة” فبينما تأخذ قضايا النفقة ما لا يقل عن سنتين في محاكم الأسرة٬ يتم الحكم في قضية القائمة في حوالي 4 شهور.
وعلى اختلاف الآراء٬ اتفق الجميع على أنه بالنظر لمحاكم الأسرة المكتظة بالدعاوى والإحصاءات الرسمية بحدوث حالة طلاق كل دقيقتين و11 ثانية في عام 2019، يبدو أن هناك كثيرا من العمل في قوانين الأسرة لإيجاد صيغة موحدة واضحة ترضي كل الأطراف وتقلل الاحتقان المرتبط بقضايا الزواج.