يكافح الأمازيغ في ليبيا منذ عقود طويلة، من أجل نيل حقوقهم التي طمسها نظام معمر القذافي، وتعتبر قناة “ليبيا الأمازيغية”، أول قناة ناطقة بالأمازيغية في البلاد وتجسّد التنوع والثراء الإنساني والثقافي الذي تتمتع به ليبيا، على رغم الصعوبات والعوائق والمؤامرات التي يواجهها الإعلام المحلي.
افتتحت القناة عام 2020 بعد مناشدات عموم المناطق الأمازيغية لتأسيسها، مؤكدين أن أهميتها تكمن في التنوع الثقافي والسياسي الذي تقوم عليه فكرة إنشائها، ويقول مهيب قرادة وهو مذيع أمازيغي لـ”اندبندنت عربية” إن القناة تعتبر تجربة جديدة على المستوى الوطني.
ويضيف “إنها تعتبر نقلة نوعية في الإعلام الليبي لما تحظى به من دعم من الدولة، كما أنها ذات أهمية كبيرة لكل الليبيين وإثراءً للإعلام الليبي الذي يطمح من خلالها إلى نقل صورة للهوية والأصالة بعيداً من أي انسلاخ هوياتي”.
ويوضح قرادة أنها كانت حلماً منذ الطفولة و”لهذا نتوقع أن تكون هذه التجربة مختلفة، لعدة اعتبارات مهمة والذي يأتي على رأسها الاعتراف الرسمي بها من قبل الدولة الليبية، أما من الناحية القانونية فنرى أنه إلى الآن لم نصبُ إلى الهدف الذي ثار الأمازيغ من أجله في 17 فبراير وهو اعتماد اللغة الأمازيغية كلغة رسمية في البلاد”.
ولدى سؤاله عن رسالة القناة، يجيب أنها صوت لكل الليبيين، و”جعلنا شعارنا “إيژوران د تاماقيت” وتعني بالعربية “الجذور والهوية”، نطمح من خلال القناة أن نتصالح مع ذواتنا بالرجوع إلى الجذور الليبية لنحيي هويتها الحقيقية مجدداً، في حال أردنا أن نعيش ليبيين مستقلين”.
ينتشر أمازيغ ليبيا في مناطق: كابو ويفرن وجادو والقلعة وغدامس وزوارة، وكذلك الطوارق في مدينة أوباري وغات جنوب البلاد.
في المقابل، يرى مؤسس القناة، محمد كعبر أنها تعتبر الأولى في تاريخ ليبيا الحديث والتي تنقل للمشاهد صورة مختلفة عن المنقولة في القنوات الليبية الأخرى، وهي ليست وليدة اللحظة بل هي جهود سنوات من العمل حيث اتخذ قرار إنشاء القناة منذ فترة حكومة الإنقاذ الوطني عام 2014 ولكن الظروف السياسية والأمنية في البلاد، حالت دون البدء وانطلاق القناة، مشيراً إلى أن ذلك حق يكفله الدستور للأمازيغ في ليبيا في أن يكون لهم صوت ونافذة على العالم.
وتعليقاً على المشهد التلفزيوني الجديد في البلاد يوضح الكاتب الليبي عبد العزيز على أنها “فرصة عظيمة للتعريف بالثقافة الأمازيغية بخاصة بيننا كليبيين، وانطلاق مشهد يتحدث بصوت الأمازيغ”.
وفي السياق ذاته، يرى أن القناة الأمازيغية ستشكل انفتاحاً وتسامحاً حول الهوية الحضارية للثقافة شمال أفريقيا، مؤكداً أن الخطوة ستحقق المزيد من المكاسب الوطنية، وعن الانتقادات التي لاحقت القناة يقول “هي ظاهرة طبيعية وتكون محمودة عندما تكون انتقادات بناءة، وعلى أي مؤسسة أن تضعها في الاعتبار للنهوض بها”.
على رغم أن الأمازيغ هم الفئة الغالبة من الناحية العرقية في مكوّن الهوية الليبية، لا يزال العديد من الناس يعتبرونهم أقلية عرقية نظراً إلى عدد الناطقين بلغة الأمازيغ في وقتنا الحاضر في ليبيا.
وفي هذا الصدد، يقول الناشط والباحث الأمازيغي أزم النبوت إن مصطلح أقلية له تعريف خاص ولا ينطبق هذا التعريف على الأمازيغ “لأننا نعلم جلياً أن 70 في المئة من الليبيين هم ذوي أصول ليبية -شمال أفريقية.
ويستطرد في رؤيته حول التنوع العرقي وحقوق الأمازيغ أنه يجب أن توضع حقوق هذه الأعراق، مقابل ما تنص عليه المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان.
وفي نهاية حديثه يوضح النبوت أن التنوع العرقي والتعدد الثقافي هو ما سيمهد الطريق إلى الاستقرار، معبراً عن ذلك بقوله إن المجتمعات المتعددة لغوياً وثقافياً هي أكثر المجتمعات استقراراً وتقدماً في العالم.