قرية المسقي التراثية … حضارة تعاقبت منذ 1700 عام

الديسك المركزي
5 دقيقة قراءة
5 دقيقة قراءة

تقع “المسقي” جنوب مدينة أبها بالمملكة العربية السعودية على الطريق السياحي المؤدي إلى متنزه المسقي وبحسب العديد من المصادر التاريخية كانت القرية التراثية إحدى محطات عبور المسافرين إلى الديار المقدسة وبلاد الشام وقد ذكر” ابن الكلبي” صاحب كتاب “جمهرة النسب” أن “المسقي” عُرفت منذ 300 سنة قبل الهجرة النبوية الشريفة بكونها إحدى محطات القوافل، كما ذكر المؤرخ الشهير الحسن بن أحمد الهمداني في كتابه ( صفة جزيرة العرب ) ما نصه ( ولهم قرية كبيرة ذات مسجد جامع يقال لها المسقي ).

- مساحة اعلانية-
[bsa_pro_ad_space id=4]

القرية التراثية تمتد من الشمال إلى الجنوب بطول 450 متراً تقريباً وعرض 200 متر ، وتُصنّف ضمن القرى التراثية الكبيرة حيث يُقدر عدد منازلها بأكثر من 450 منزلاً منها 140 منزلاً كانت مأهولة إلى وقت قريب.

التصميم العمراني لمرافق القرية مميزاً كونها تغلق بأربعة أبواب وبها ممرات وأنفاق يصعب على الغريب معرفتها وتسمى” الشداخة” تمتد من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب وكل ممر له اسم خاص به.

- مساحة اعلانية-
[bsa_pro_ad_space id=3]
قرية المسقي

ومن أبرز معالم القرية “الجامع الكبير” الذي يتوسط القرية على ربوة عالية وتقدر مساحته بـ 409.25 أمتار مربعة، مر خلال تاريخه بعدة ترميمات حتى وصل إلى وضعه الحالي وقد بقى من بنايته الأصلية البئر و البركة ( الخزانات ).

ويكشف لوح خشبي عُثر عليه في سقف المسجد عن أن بناءه كان بين (عامي 70 – 73 هـ) وهو ما أكده الرحالة “الهمداني” في كتابه “صفة جزيرة العرب” ، ولأهميته التاريخية اختير ضمن المرحلة الثانية من مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية، حيث ستصبح مساحته بعد الترميم 405.72 أمتار مربعة ويتسع لـ(156) مصلٍ.

ويوجد في قرية المسقي مسجد “شاهر” المعروف – بالمسجد الأعلى – والذي بني سنة 815 من الهجرة ولا يزال بطبيعته وهو نسخة مصغرة من الجامع الكبير في النسق العمراني ويقع جنوب القرية، كذلك مسجد آخر يتعارف عليه الأهالي باسم “المسجد الأسفل” وهو قديم جداً وقد تم هدمه حديثاً ثم إعادة بنائه بالوضع الحالي ويقع شمال شرق القرية.

- مساحة اعلانية-
[bsa_pro_ad_space id=5]

ولكون ” المسقي” محطة من محطات القوافل منذ أزمان بعيدة فإن النشاط التجاري كان أبرز أنشطتها اليومية ، حيث كانت القرية تضم 47 محلاً تجارياً تعرف “بالدكان” وتمارس فيها أنواع التجارة والحرف اليدوية ، إضافة إلى أن القرية كانت تضم سوقاً شعبية يقام يوم الأحد من كل أسبوع ، تجتمع فيها قوافل التجارة القادمة من منطقتي نجران وجازان وتهامة عبر وادي بيش وعقبة القرون.

وصُممت القرية على مر العصور بطريقة هندسية مدهشة حيث تتخلل المنازل والساحات طرق وممرات داخلية تربط جميع بيوت القرية بسلاسة وإتقان، مع مراعاة الجوانب الأمنية، خاصة في أوقات الحروب ومن أبرز تلك الممرات ، السبل المسقوفة والتي تعرف محلياً بـ “الشداخة ” وتحتوي القرية على 21 شداخة تتسلل داخل القرية عرضاً وطولاً وأشهرها “شداخة بعرور” ويبلغ طولها الإجمالي 398 متراً.

وتحتوي القرية على 67 قصبة حربية وهي بمثابة أبراج المراقبة قديماً، وتوجد كذلك آثار لافتة للنظر تسمى ” المحانذ” وهي أبراج للسكن وتخزين الأسلحة والحبوب ، إضافة إلى “المدافن” المنحوتة تحت البيوت لتخزين حبوب المحاصيل الزراعية.
وتعد الآبار القديمة المزود الأول للقرية باحتياجاتها من المياه سواء لأغراض الشرب والطبخ أو لري المزارع حيث تضم القرية داخل أسوارها 6 آبار .

تحيط بالقرية عدة جبال مختلفة الارتفاع ومن أبرزها جبال “جربان” و”جريبة” غرباً و جبل “لذن” شرقاً ، وتمر بمحاذاة القرية عدة أودية من أبرزها وادي”عتود”وهناك أودية فرعية شرق القرية وغربها منها ( وادي جريان، ووادي العطفة) وغيرها.

قرية المسقي

وشهدت القرية منذ عدة أشهر إعادة تأهيل لبعض القصور الأثرية واستثمارها سياحياً من خلال إنشاء مقاهٍ ونزلٍ على النمط التراثي المستخدم قديماً، وذلك باستخدام مواد البناء التقليدية المستخرجة من الطبيعة المحيطة بالقرية وإعادة استخدام أخشاب وأحجار المباني المتهدمة كلياً، إضافة إلى تنظيم اللجنة الأهلية لتطوير القرية فعاليات ثقافية وسياحية خلال موسم صيف عسير 2022، اشتملت على أوبريت غنائي وعروض للفنون الشعبية والفن التشكيلي ومشاركة الحرفيين والأسر المنتجة والسيارات الكلاسيكية، وافتتاح المقهى التراثي جنوب القرية.

المصدر: “واس”

تم وضع علامة:
شارك هذه المقالة
ترك تقييم