قاطعت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، بحماس، وزيرة الاقتصاد المغربية، يوم الاثنين وهي تلقي كلمتها خلال إحدى الجلسات الافتتاحية لاجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بمراكش لتخبرها أن “المغرب هي الدولة الإفريقية الوحيدة المؤهّلة للحصول على خط ائتمان مرن”.
عكست كلمات غورغييفا الثقة التي وافق صندوق النقد على قرض للمغرب بها مؤخراً بقيمة 1.32 مليار دولار، مدته 18 شهراً عبر صندوق الصمود والاستدامة التابع للمؤسسة المالية الدولية، لمساعدته على معالجة نقاط الضعف على الصعيد المناخي.
وخط الائتمان المرن هو دعم يقدّمه الصندوق للبلدان التي تتمتع بأساسيات اقتصادية قوية للغاية وسجّل أداءً متواصلاً فيما يخص تنفيذ السياسات لمساعدتها على تلبية احتياجاتها الفعلية أو المحتملة لتمويل ميزان المدفوعات وتعزيز ثقة الأسواق خلال فترات ارتفاع المخاطر، بحسب تعريف الصندوق.
ويواجه المغرب مؤخراً أزمة طارئة بسبب زلزال مراكش الذي خلف مئات القتلى والجرحى، وهو ما دفعه لإطلاق خطة لإعادة إعمار المناطق المنكوبة في مراكش وغيرها بقيمة 12 مليار دولار لمدة خمس سنوات، بحسب ما ذكرته نادية فتاح، وزيرة الاقتصاد والمالية المغربية.
وقدّم صندوق النقد الدولي هدية من ذهب للمغرب عندما وافق على استمرار انعقاد اجتماعاته السنوية في مراكش بعد شهر واحد من الزلزال، رافضاً تأجيلها، مشيراً إلى أن اجتماعات مراكش ستكون فرصة للمجتمع الدولي للوقوف إلى جانب المغرب وشعبه اللذين أثبتا مجدداً صلابتهما في مواجهة الفواجع، مؤكداً الالتزام بضمان سلامة جميع المشاركين.
يتوقع والي بنك المغرب، عبداللطيف الجواهري، أن ينخفض نمو الاقتصاد المغربي متأثراً بتداعيات الزلزال، وقال خلال اليوم الأول لاجتماعات صندوق النقد الدولي، “من الصعب أن نعطي أرقاماً دقيقة لتداعيات زلزال المغرب، لكن يُتوقع أن ينخفض النمو وهذا ما حدث من قبل في الدول التي واجهت أزمات مثلنا”.
وفي يوليو تموز الماضي، توقعت المندوبية السامية للتخطيط في المغرب، أن يرتفع معدل النمو الاقتصادي في المملكة إلى 3.6 في المئة العام المقبل، و3.3 في المئة هذا العام على افتراض محصول حبوب متوسط وزيادة الصادرات.
لكن توقعات صندوق النقد الدولي تشير إلى أن الاقتصاد المغربي سينمو ثلاثة في المئة هذا العام.
ومنذ أيام توقع تقرير للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية أن يبلغ معدل النمو الاقتصادي في المغرب 3.1 في المئة خلال العام الجاري، والذي شهد موجة جفاف فاقمت تداعيات الظروف التمويلية العالمية الصعبة.
لكن هذه التوقعات لا تتضمن تأثيرات زلزال مراكش، إذ قال البنك إنه من الصعب التكهن بتأثير الزلزال على النشاط الاقتصادي العام، ففي الوقت الذي يمكن أن يعطي الإنفاق على إعادة الإعمار دفعة للنمو على المدى المتوسط، إلّا أنه قد يزيد من الحاجة إلى التمويل.
ودمّر الزلزال 60 ألف منزل بجانب العديد من المؤسسات وكذلك المناطق الأثرية، والتي لا يمكن أن تُقدّر بثمن، بحسب الجواهري.
وقال إن مراكش وحدها تمثّل نحو 22 في المئة من القيمة المضافة للسياحة في المغرب.
ويتوقع الجواهري أن يتأثر ميزان المدفوعات المغربي سلبياً بتداعيات الزلزال، لكن التأثير لن يكون سلبياً بشكلٍ مفرط، إذ إن هناك فرصة لبعض الإيجابيات على مستوى إيرادات الدولة.
وبحسب وزيرة الاقتصاد المغربية، فإن السوق المحلية قوية والاقتصاد قادر على جذب استثمارات خارجية.
دعوة لزيادة الإنفاق على تداعيات المناخ
مع كل التداعيات الاقتصادية التي طالت المغرب بسبب التغيّر المناخي، يطالب المسؤولون في المغرب من المؤسسات الدولية مزيداً من الإنفاق والسهولة في تقديم المساعدات للدول النامية التي تعاني أوضاعاً صعبة في الوقت الحالي.
وقال والي بنك المغرب، إن «الأمور على المحك أكثر من أي وقت مضى ونريد من صندوق النقد الدولي المزيد من الدعم».
وهو أمر أكده رئيس الوزراء المغربي، عزيز أخنوش، قائلاً إنه مع تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري والصراعات الجيوسياسية وارتفاع مستوى المعيشة العالمي، فإن بنوك ومؤسسات التنمية مدعوة لدعم ومواكبة البلدان النامية في التصدي للاحتياجات والمشكلات التي تواجهها.
وأضاف: “أن هذه المؤسسات عليها أن تعطي المزيد من المرونة للمساعدات التي تواجه أنواعاً مختلفة من الأزمات من خلال الدعم المالي واستعادة التوازن في الاقتصاد الكلي”.
وعلى مدار نحو أسبوع من اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين، سيناقش الاقتصاديون إمكانية زيادة التمويل الممنوح للدول التي تعاني تغيرات مناخية وكذلك الأزمات الاقتصادية العالمية.
المصدر: CNN