سن الـ40 لدى كثير من النساء ليس مرحلة عادية، إذ تصاحب تلك المرحلة العمرية مجموعة من التغيرات الجسدية والنفسية المزعجة أحيانا، وهي المرحلة التي يطلق عليها ما قبل انقطاع الطمث، وتنعكس تغيراتها على أداء المرأة مهامها اليومية.
تم تعريف فترة ما قبل انقطاع الطمث بتعريفات مختلفة، لكن الخبراء يتفقون عموما على أنها تبدأ بدورات حيض غير منتظمة -بسبب تأخر وضعف وظيفة المبيض- وتنتهي بعد عام من آخر دورة شهرية.
تختلف فترة ما قبل انقطاع الطمث بشكل كبير من امرأة إلى أخرى، لكن متوسط المدة هو من 3 إلى 4 سنوات، على الرغم من أنه يمكن أن يستمر بضعة أشهر فقط أو يمتد لعقد من الزمان.
أعراض مرحلة ما قبل انقطاع الطمث
الهبات الساخنة
تشعر بعض النساء بموجات من الهبات الساخنة، أي الشعور بالحرارة الداخلية بدرجة أعلى من الجو المحيط؛ قد تختفي تلك الهبات بشكل مفاجئ، في حين أن البعض الأخريات قد يستمر معهن لسنوات عدة.
تظهر الهبات الساخنة بسرعة ويمكن أن تستمر من دقيقة إلى 5 دقائق. وهي تتراوح في شدتها من الإحساس العابر بالدفء إلى الشعور بأن النار تلتهم الجسم “من الداخل إلى الخارج”.
ويمكن أن تؤدي الهبة الساخنة الشديدة إلى احمرار الوجه والجزء العلوي من الجسم، والتعرق والقشعريرة، وأحيانًا الشعور بالارتباك. وقد تتكرر الهبات الساخنة بصورة محدودة على مدار الأسبوع، في حين تعاني بعض السيدات من تكرارها أكثر من 10 مرات خلال اليوم الواحد.
طاقة منخفضة وحرق ضعيف للسعرات الحرارية
مع تقدم السن تقل الكفاءة التي ينتج بها الجسم الطاقة بشكل ملحوظ، حتى لو لم يتغير روتين الأنشطة اليومية، إلا أن كفاءة الجسم في حرق السعرات الحرارية تصبح أقل، مما يؤدي إلى انخفاض في الطاقة المنتجة، وتتحول السعرات الحرارية غير المحترقة إلى دهون.
والحل في تلك الحالة أن يتغير كل من النظام الغذائي وروتين التمارين بشكل كبير، وسيساعدك تناول كمية أقل من السعرات الحرارية، إلى جانب زيادة التمارين المنتظمة، في الحفاظ على مستويات الوزن والطاقة.
تساقط الشعر
الصلع أزمة تواجه نسبة قليلة من النساء، لكن في الأربعينيات من العمر، تعاني معظم النساء من ترقق البصيلات، مما يؤدي إلى تساقط ملحوظ في الشعر.
ويلعب الأستروجين دورًا مهمًا في نمو شعر المرأة، وليس من المستغرب أن يزداد تساقطه بانخفاض مستويات الأستروجين المصاحبة لفترة انقطاع الطمث.
وينصح الخبراء بتقليل تكرار غسل الشعر للسماح لفروة الرأس بإفراز الزيوت الطبيعية التي تساهم في ترطيب خصلات الشعر، ومن ثم تحافظ على ثباته، وينصح أيضا بالحد من استخدام أدوات تجفيف الشعر التي تعتمد على درجات الحرارة المرتفعة، وكذلك يجب تقليل استخدام صبغات الشعر خاصة التي تعتمد على المواد الكيميائية لا سيما الأمونيا.
سلس البول وضعف المثانة
يساهم انخفاض إنتاج هرمون الأستروجين المصاحب لفترة ما قبل انقطاع الطمث في ضعف عضلات المثانة، ومن ثم فإن أي انقباض مفاجئ للحجاب الحاجز يمكن أن يؤدي إلى تسرب البول.
هناك العديد من العلاجات الفعالة لسلس البول، لكن يبقى التخلص من الوزن الزائد، خاصة في منطقة البطن، هو الوسيلة المثالية لتخفيف الضغط على المثانة، كما أن تقليل تناول المشروبات التي تحتوي على الكافيين يساهم في تقليل احتمالية التسرب، وتساعد تمارين “كيغل” في إعادة بناء المثانة الضعيفة (تمارين تساعد في تقوية عضلات البطن والفخذين والأرداف).
ضعف الذاكرة
يعد فقدان بعض وظائف المخ بين فترة ما قبل انقطاع الطمث وما بعده أمرًا شائعًا بين النساء بحيث لا يمكن تجنبه تقريبًا.
تمتلك النساء مستقبلات هرمون الأستروجين في منطقتين بالمخ تتحكمان في الذاكرة، وعندما يكون هناك قدر أقل من هرمون الأستروجين، تحدث تغيرات هيكلية سلبية في تلك المناطق.
يعرف هذا العرض بالضباب الدماغي، وهو عرض طبيعي لا يمكنك محاربته. وتعتمد الكفاءة التشغيلية لعقلك إلى حد كبير على كمية الأكسجين التي يوفرها له مجرى الدم.
لذا ما هو جيد لقلبك مفيد لعقلك، وهذا يعني أن برنامجًا قويًا للتمارين الرياضية ونظامًا غذائيًا صحيًا وإدارة فعالة للإجهاد ستحافظ على كفاءة وظائف المخ، ويمكن أن تساعدك الألغاز والكلمات المتقاطعة وقراءة الكتب في الحفاظ على وظائف دماغك.
وفقًا لدراسة نُشرت في المجلة الطبية البريطانية، تبدأ مهارات التفكير المعرفي لديك في الانخفاض بنسبة 3.6% بدءا من الأربعينيات من العمر، لكن الخبر السار هو أن كفاءة الدماغ تعود لطبيعتها مرة أخرى بعد انقطاع الطمث، إذ يتكيف مع انخفاض مستويات هرمون الأستروجين ويعوض ما تم فقده من كفاءة في فترة ما قبل انقطاع الطمث.
تدهور الخلايا
مع بدء شيخوخة الخلايا (تدهور الخلوي المرتبط بالعمر)، التي تبدأ عادةً في الأربعينيات من العمر وتتسارع مع دخول الستينيات. وجدت الأبحاث أن تدهور الميتوكوندريا -منتج الطاقة للخلايا- يمكن أن يؤثر بشكل مباشر على قدرة الخلايا على الأداء عند المستويات المثلى، وبالتالي يضعف وظيفة الأنسجة والأعضاء.
ويمكن أن تظهر هذه التغييرات في عدد من الطرق المختلفة، من التعب المستمر إلى ضعف جهاز المناعة. لكن الإيجابي في الأمر أن الأبحاث تشير إلى أن التمارين المنتظمة (مثل المشي لمدة ساعة يوميا) يمكن أن تبطئ من فقدان الميتوكوندريا.
لماذا لا يقدم الأستروجين من خلال العلاج بالهرمونات؟
إذا كان نقص الأستروجين مزعجا إلى هذا الحد، فلماذا لا يستبدل القدر المفقود منه ببرنامج قوي للعلاج بالهرمونات؟ والجواب هو أن العلاج التقليدي بالهرمونات يزيد من مخاطر الإصابة بسرطان الثدي وأمراض القلب والسكتة الدماغية.
ومع ذلك هناك حل وسط وهو الأستروجين الموضعي، على هيئة مرهم موضعي يوفر جرعة أقل من الأستروجين. والأهم من ذلك أن الهرمون يُمتص مباشرة في مجرى الدم، لذا فمن غير المرجح أن يؤثر على بقية الجسم.