ضمن خطوات التقارب التي عرفتها العلاقات بين دول الخليج والعراق، خصصت الرياض وأبو ظبي 6 مليارات دولار لدعم أنشطتهما التجارية والاستثمارية في بغداد.
ووفق خبراء، فإن القطاعات الاستثمارية في العراق تمثل فرصة كبيرة، غير أن بعض الجوانب تظل موضع اختبار من جانب الدول الخليجية، التي تحتاج للتأكد من البيئة الأمنية والاقتصادية، وحسن النوايا على المستوى السياسي.
ويهدف التوجه الخليجي نحو العراق لإعادة التوازن داخل البلد العربي، الذي يشار إليه بأنه الأقرب لإيران على مدار سنوات طويلة، إذ تقيم الأخيرة علاقات مع جميع الأطراف هناك، فيما ظلت دول الخليج على مسافة بعيدة، سعت لكسرها أخيرا.
تشكيل مجالس أعمال
وأعلن اتحاد الغرف التجارية العراقية أنه تم التوصل لاتفاق مع الدولتين لتشكيل مجالس أعمال، حسبما ذكرت وكالة الأنباء العراقية “واع”، أمس الأحد.
وقال عبد الرزاق الزهيري، رئيس الاتحاد: “العراق يسعى لامتلاك منظومة متكاملة للأنشطة التجارية تواكب مسيرة التجارة عالميا خاصة فيما يتعلق بالأنظمة الجمركية المتعلقة بدخول وخروج البضائع”.
ولفت الزهيري إلى أن الاتحاد حصل على دعم كبير من مجلس الوزراء العراقي، مشيرا إلى أن الخطوة الأولى تمثلت في بدء تسجيل بيانات التجار والشركات.
وقال عبد الرزاق الزهيري إن دولة الإمارات أودعت 3 مليارات دولار في صندوق خاص بها، كما وضعت السعودية مبلغا مماثلا في صندوقها الخاص لدعم عملياتهم التشغيلية في العراق، التي تشمل الأنشطة التجارية والاستثمارية.
وفي مايو/ أيار الماضي، جرى تأسيس الشركة السعودية- العراقية للاستثمار المملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، في إطار فرص بناء شراكات استثمارية في العراق، إلى جانب استعراض مختلف الفرص الاستثمارية في عدد من القطاعات.
وبلغ حجم التبادل التجاري (1.5) مليار دولار لعام 2022 بنسبة ارتفاع (50%) مقارنةً بالعام 2021.
وفي وقت سابق، ثمنت جمهورية العراق إعلان المملكة العربية السعودية مبلغ مليار ونصف المليار دولار لإعادة إعمار العراق في مؤتمر الكويت لإعادة إعمار العراق الذي عقد خلال المدة 12 – 14 فبراير/شباط 2018 وتعهداتها ومساهمتها فيه.
وتعد الإمارات من أبرز الشركاء التجاريين للعراق، حيث يفوق حجم التبادل التجاري بين البلدين 16 مليار دولار.
استثمارات ضخمة
من ناحيته، قال المستشار الاقتصادي السعودي عيد العيد، إن العديد من القطاعات في العراق بحاجة لاستثمارات ضخمة.
وأضاف في حديثه مع”سبوتنيك”، أن العراق عانى لفترة طويلة من “تخلف التنمية”، ما جعله بحاجة إلى استثمارات كبيرة ليدرك التنمية التي وصلت إليها العديد من الدول العربية.
ولفت إلى أن الاستثمار في العراق يمثل فرصة للربح بنسبة 100%، مع مراعاة ضرورة التوازن السياسي الغائبة منذ فترة، وضمان البيئة الأمنية والاستقرار لضخ استثمارات طويلة الأجل.
ولفت إلى أن السعودية يمكنها الإقدام على استثمارات كبرى في العراق، لكن بعد اختبار البيئة والنوايا، في ظل تعدد أوجه التحديات بالعراق، على المستويات الأمنية والسياسية.
ويرى أن القطاعات المرشحة للاستثمار هي الطاقة والزراعة واللوجستيات، في المقام الأول، فيما تأتي القطاعات الأخرى في مراحل لاحقة.
قطاعات متعددة
في الإطار، قال حمزة الجواهري، خبير الاقتصاد والطاقة العراقي، إن المشروعات التي يمكن للسعودية والإمارات العمل فيها متعددة لدرجة كبيرة.
وأضاف في حديثه مع “سبوتنيك”، أن الأمر يعتمد على المشاريع التي يتقدم لها المستثمر نفسه وليس العراق كدولة.
وأوضح أن الخلل في بعض الجوانب يتمثل في تنافس بعض الاستثمارات الخليجية للعراقية.
لافتا إلى أن توجيه الاستثمارات لقطاعات يصعب على العراق الاستثمار فيها يمثل فرصة جيدة،خاصة إذا كانت تستهدف تطوير الموارد البشرية العراقية، ضمن مشاريعها الاستثمارية.
قطاعات ذات أولوية
وفق الخبير العراقي، فإن بعض القطاعات تمثل أولوية في الوقت الراهن منها التكنولوجيا الحديثة، وإدخال التقنيات للعديد من القطاعات في البلاد.
ويرى الخبير العراقي أن الفرص المتاحة في العراق متعددة وواسعة النطاق، نظرا لخلو العراق من مشروعات التنمية المستدامة.
في الإطار، قال جاسم الموسوي الباحث العراقي، إن “السعودية والإمارات تشعران بتأخر تواجدهما كلاعب مهم في المعادلة السياسية مع جميع الأطراف عكس إيران التي تملك العلاقات مع جميع الأطراف بشكل معلن أو سري”.
رسائل سياسية
ويرى في حديثه مع “سبوتنيك”، أن “السعودية ترسل رسائل إلى القوى الشيعية تحديدا، بأنها داعمة للنظام المتهم شيعيا، وكذلك تريد أن يشعر الجانب الإيراني من جهة والقطري الذي غير سياسته تجاه العراق بعد الخلاف مع السعودية والإمارات، أنها قادرة على اختراق الجدران العراقية من خلال القوى الناعمة”.
وتابع: “بعض الرسائل هي لدعم الحكومة العراقية، ولا اعتقد أن السعودية تنتظر عوائد هذه الأموال، التي لا تشكل رقما أمام إمكانيات السعودية”.
واستبعد أن يكون العراق بوابة السعودية المالية، وأنها تطل على بحار، وتمتلك مساحة جغرافية واسعة، فضلا عن كونها صاحبة أكبر استثمار مع الصين وأمريكا.
المصدر: سبوتنيك