رايت رايتس

متحف “إسلامي” يثير جدلا في ولاية أسام الهندية

الديسك المركزي
كتبه الديسك المركزي تعليق 7 دقيقة قراءة
7 دقيقة قراءة

قام السيد موهار علي، وهو زعيم حزب سياسي محلي،بانفاق حوالي 7000 روبية (86 دولار أمريكي) على إنشاء المتحف، الذي عرض فيه بالأساس بعض الأدوات الزراعية والملابس.

- مساحة اعلانية-

لكن بعد يومين من افتتاح المتحف، قامت السلطات المحلية بإغلاقه. كما أغلقت بيت علي وختمته بالشمع الأحمر، بدعوى أنه استخدم المنزل المخصص له في إطار مشروع حكومي لأغراض تجارية.

واعتقلت الشرطة علي وشخصين آخرين ساعداه على إنشاء المتحف.

- مساحة اعلانية-

وقالت الشرطة إن القضية ضد الرجال الثلاثة لا علاقة لها بالمتحف، بل بصلاتهم المزعومة بجماعات وصفتها بالإرهابية. ولكن الرجال الثلاثة – الذين اعتقلوا بموجب قانون مكافحة الإرهاب شديد الصرامة الذي يجعل من شبه المستحيل الإفراج عنهم بكفالة – نفوا صحة الاتهامات الموجهة إليهم

وقد أصابت تلك الاعتقالات أعضاء مجتمع المسلمين الذين يتحدثون اللغة البنغالية في ولاية أسام بالصدمة.

يقول منتقدو السلطات إن الاعتقالات هي أحدث حلقة في سلسلة طويلة من المحاولات الرامية إلى تهميش تلك الفئة المسلمة في ولاية أسام، وهي ولاية تتسم بالتعددية والتعقيدات العرقية، وتعتبر الهوية اللغوية والمواطنة أكثر القضايا محل الخلاف والانقسام هناك.

- مساحة اعلانية-

يشمل سكان الولاية هندوسا يتحدثون اللغتين البنغالية والآسامية، فضلا عن خليط من القبليين والمسلمين، وتشهد أسام منذ عقود حركة مناهضة للهجرة ولمن يعتبرون “دخلاء” قادمين من دولة بنغلاديش المجاورة. ولطالما اُتهم المسلمون الذين يتحدثون البنغالية على وجه الخصوص بأنهم مهاجرون غير موثقين.

ومنذ وصوله إلى السلطة في عام 2016، عكف حزب بهارتيا جاناتا الحاكم في الهند وفي ولاية أسام على حشد أصوات المجتمعات الهندوسية والقبلية من خلال تبني سياسات يقول منتقدوه إنها تميز ضد المسلمين. كما استهدف العديد من ساسة الحزب المسلمين في خطاباتهم، ومن بينهم الوزير الأول لولاية أسام هيمانتا بيسوا سارما.

بعد عودتها إلى السلطة في عام 2021، قامت حكومة بهارتيا جاناتا بالإجلاء القسري لآلاف الأشخاص في إطار خطة مثيرة للجدل تستهدف ما وصفته بالزحف غير الشرعي للمهاجرين – وغالبية المستهدفين مسلمون يتحدثون البنغالية. كما أقرت الحكومة في وقت سابق من العام الحالي تصنيف خمس مجموعات من المسلمين على أنها “من سكان أسام الأصليين”، ما أثار مخاوف من تعرض المجموعات المسلمة الأخرى للمزيد من التهميش.

يقول الدكتور حافظ أحمد، وهو أكاديمي يتبنى قضية المسلمين الذين يتحدثون البنغالية إن “المسلمين ذوي الأصول البنغالية أصبحوا هدفا سهلا للسياسة”.

ويضيف أن “الغرض هو أن يقولوا لأغلبية [سكان الولاية] إن الميا ليسوا جزءا من المجتمع الأسامي، بل أعداء له”.

غير أن فيجاي كومار جوبتا، وهو أحد كبار زعماء حزب بهارتيا جاناتا، نفى ذلك وقال إن “الآخرين” يحاولون “اختلاق نزاع” بين الفئات المختلفة في الولاية.

وأضاف قائلا: “من المفترض أن يكون الهدف من أي متحف الحفاظ على التراث الثقافي لفئة ما، لكن ذلك لا يحدث هنا”.

عبر مختلف أنحاء جنوب آسيا، تستخدم كلمة “ميا” كلقب شرفي للرجال المسلمين.

ولكن في أسام، تحمل الكلمة مدلولا ازدرائيا وتستخدم لوصف الآلاف من الفلاحين المسلمين الذين هاجروا من بعض مناطق شرق البنغال التي توجد حاليا داخل دولة بنغلاديش. يشار إلى أن حدود ولاية أسام مع دولة بنغلاديش تبلغ حوالي 900 كيلومتر، وتوجد بتلك الحدود ثغرات يمكن النفاذ منها بدون علم السلطات.

السواد الأعظم من هؤلاء المهاجرين استقروا في الجزر المحاذية لسهول نهر براهمابوترا، حيث يستقر أناس من مجموعات عرقية أخرى هناك أيضا.

سكان تلك الجزر غالبيتهم مزارعون فقراء وعمال بالأجرة اليومية تعتمد حياتهم وأرزاقهم على النهر وتقلباته.

يعاني هؤلاء أيضا من التفرقة، وعادة ما ينظر إليهم على أنهم “متسللون” يستولون على الوظائف والأرض والثقافة المحلية من القبليين والسكان الذين يتحدثون اللغة الأسامية.

ولكن عبر السنين، تمسك الكثير من أفراد المجتمع البنغالي المسلم بتاريخهم وحاولوا استعادة المدلولات الإيجابية لمصطلح “الميا” بوصفه دلالة على هويتهم.

وقال السيد علي إن متحف الميا في غوالبارا – والذي أقيم في غرفة صغيرة واحتوى على بضعة أدوات زراعية تقليدية وأدوات صيد مصنوعة من الخيزران (البامبو) ولباس “الغاموسا” التقليدي لولاية أسام الذي يُغزل يدويا – كان يمثل جزءا من “ثقافة شعب الميا”.

لكن الكثير من زعماء حزب بهارتيا جاناتا اتهموه بمحاولة خلق الانقسامات داخل المجتمع، وقالوا إن معروضات المتحف تمثل الهوية الأسامية وليس هوية المسلمين البنغال.

كانت فكرة إقامة متحف يكون بمثابة مركز ثقافي بارز قد طرحت للمرة الأولى عام 2020 من قبل عضو حزب المؤتمر الوطني السابق شرمان علي أحمد الذي لطالما أعرب عن مساندته ودعمه لمجتمع الميا المسلم، ولكنها قوبلت بمعارضة عنيفة من قبل حكومة سارما.

قبل ذلك، بالتحديد في عام 2019، واجه بعض الشعراء مشكلات بعدما كتبوا قصائد مقاومة حماسية أطلقوا عليها اسم “شعر الميا” باللهجة المحلية بدلا من اللغة الأسامية المعتمدة. اتُهم عشرة من هؤلاء الشعراء “بالترويج للعداء بين الجماعات المختلفة” لأسباب دينية.

وصرح شرمان علي أحمد لبي بي سي قائلا إنه لا يعتقد أنه كان من الصواب أن يفتح السيد علي متحفا في منزل منحته الحكومة إياه، لكنه أضاف أن العقاب الذي تعرض له عقاب جائر.

وأضاف: “إنه لم يرتكب أي جريمة كبرى، لكن الحكومة اتخذت إجراءات صارمة في حقه وفي حق آخرين لتخويف المجتمع”.

ويزعم الأكاديمي الدكتور حافظ أحمد أن الحكومة تحاول استغلال التعقيدات الديموغرافية للولاية واللعب على أوتار مخاوف الأساميين – الذين يخشون من فقدان هويتهم بسبب المهاجرين – من خلال خلق مناخ استقطابي.

في غضون ذلك، لا يزال سكان قرية علي مصدومين من الاعتقالات. غالبيتهم رفضوا الحديث عن المتحف خشية التعرض لمزيد من المشكلات.

ويرى آخرون أن الجدل ليس له علاقة بحياتهم. يقول أحد السكان، ويدعى شهيد علي: “لسنا بحاجة إلى متحف، بل نحن بحاجة إلى وظائف وطرق وكهرباء”.

ورغم أن الدكتور أحمد يرى أن المتحف لا جدوى منه، فإنه يؤكد أن من حق أي فئة الحفاظ على تراثها. ويضيف: “بعد سنوات من الاضطهاد، يحاول مسلمو الميا إيجاد مكان لهم”.

“كيف لمجتمع أن يحيا بدون تراثه وثقافته؟”

تم وضع علامة:
شارك هذه المقالة
ترك تقييم