أدت طريقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في إدارة الحرب بقطاع غزة إلى توتر العلاقات مع واشنطن، وقادت في نهاية المطاف إلى منع الولايات المتحدة إرسال شحنة من الذخائر شديدة الانفجار إلى إسرائيل، تزامنا مع العمليات العسكرية في رفح.
وكشف تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، أن الرئيس الأميركي جو بايدن كانت أولويته وقف الجدل الدائر بشأن ما إذا كانت إدارته قد مارست الضغط الكافي على إسرائيل، لضمان وقف إطلاق النار والحد في صفوف الخسائر الفادحة بين المدنيين، بعد 7 أشهر قتل فيها أكثر من 34 ألف فلسطيني.
كان بايدن قد قال الأربعاء إنه مستعد لحجب أسلحة إضافية، بما في ذلك قذائف المدفعية، عن إسرائيل، إذا شنت القوات الإسرائيلية عملية برية كبيرة في رفح.
وأضاف في مقابلة مع شبكة “سي إن إن”: “إذا ذهبوا إلى رفح فلن أزودهم بالأسلحة التي استخدمت تاريخيا للتعامل مع المدن”، مشددا على أن الولايات المتحدة ستواصل تقديم أنظمة دفاعية قادرة على صد الهجمات الصاروخية.
وأردف الرئيس الأميركي: “لقد أوضحت لبيبي (بنيامين نتنياهو) وحكومة الحرب أنهم لن يحصلوا على دعمنا، إذا هاجموا هذه المراكز السكانية. نحن لا نبتعد عن أمن إسرائيل. نحن نبتعد عن قدرة إسرائيل على شن حرب في تلك المناطق”.
وبدأت الإدارة الأميركية مراجعة لشحنات الأسلحة التي تقدمها إلى إسرائيل بعد أشهر من دعوات لتقييد عملية إرسال الأسلحة لها، بهدف إجبار حكومة نتنياهو على إعادة التفكير في سلوكها في الحرب.
وقال مسؤولون أميركيون إن المراجعة كانت سرية للغاية بسبب الحساسية السياسية لاستخدام أقوى نفوذ لها على إسرائيل، وهو أمر من المؤكد أنه سيثير غضب نتنياهو ويدفع الجمهوريين إلى شن هجمات على بايدن. الحوار والقتال
وبحلول نهاية الأسبوع الماضي، كان مسؤولو إدارة بايدن لا يزالون يأملون في إمكانية تحقيق وقف القتال، ومضاعفة جهودهم لتأمين وقف مؤقت لمدة 6 أسابيع يمكن تمديده لاحقا، من خلال إعادة مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) ويليام بيرنز إلى المنطقة.
لكن إسرائيل استقرت على استراتيجية الحوار والقتال، وحتى عندما أرسلت وفدا إلى مفاوضات وقف إطلاق النار، أسقطت منشورات يوم الإثنين تحث 100 ألف من سكان شرق رفح على الفرار.
وأعقب ذلك في اليوم التالي إرسال قوات للاستيلاء على الجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدودي مع مصر.
ورد بايدن بوقف شحنة واحدة فقط من الأسلحة كان من المقرر نقلها جوا إلى إسرائيل في الأسابيع المقبلة، وقال مسؤول أميركي إن هذه الخطوة اتخذت لأن القنابل التي تزن ألفي رطل (نحو 900 كيلوغرام)، على وجه الخصوص، يمكن أن تكون مدمرة لا سيما “في المناطق الحضرية الكثيفة” مثل رفح، وأشار إلى أنه تتم أيضا مراجعة المبيعات المحتملة الأخرى.
وكان المقصود من القرار في البداية أن يكون بمثابة إشارة “سرية” إلى إسرائيل بضرورة التركيز على محاولة ترسيخ وقف إطلاق النار المؤقت مع حماس، بدلا من التحرك نحو هجوم على رفح من دون خطة لحماية المدنيين وضمان عدم قطع المساعدات عنهم.
وقال أحد المسؤولين الأميركيين لـ”وول ستريت جورنال”: “لم نحاول أن نكشف هذا الأمر للعلن، بل كنا نحاول التعامل مع الأمر بطريقة دبلوماسية”.
السفير الإسرائيلي السابق لدى الولايات المتحدة مايكل أورين علق على الأمر بالقول، إن “إسرائيل تعرضت ومازالت تتعرض للعقاب”، ووصف قرار بايدن بأنه ضربة استباقية ضد أي تحرك إسرائيلي لتوسيع عملياتها في رفح. موقف الجمهوريين
خلال جلسة استماع يوم الأربعاء في الكابيتول، واجه وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن انتقادات من الجمهوريين لوقف الأسلحة بينما تشن إسرائيل حربا.
وأرسل رئيس مجلس النواب مايك جونسون، وزعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، رسالة إلى بايدن يوم الأربعاء، ينتقدان فيها التأخير في توفير الأسلحة لإسرائيل، قائلين إن ذلك “يثير الشك في تعهدك”، وأن “التزامك بأمن إسرائيل سيظل صارما”.
خطوة متواضعة
ويرى منتقدو دعم بايدن لإسرائيل أن هذه الخطوة كانت متواضعة للغاية، بحيث لا يكون لها تأثير دائم ما لم يتم حجب المزيد من الأسلحة أيضا.
وقال الخبير في شؤون الشرق الأوسط جوش بول: “بدلا من إيقاف الشحنة لمرة واحدة كوسيلة لممارسة النفوذ اللحظي الذي طال انتظاره، يجب أن يكون هذا بداية تغيير جذري في السياسة الأميركية تجاه تقديم المساعدة الأمنية لإسرائيل”.
كان بايدن قد حذر في مارس الماضي من أن الهجوم الإسرائيلي على رفح سيتجاوز “الخط الأحمر”، لكنه أضاف بسرعة: “ليس هناك خط أحمر يقضي بأنني سأقطع جميع الأسلحة”، ثم عاد وقال: “لا يمكننا أن نقتل 30 ألف فلسطيني آخر”.
وفي مؤتمر صحفي عقده البيت الأبيض بعد وقت قصير من تصريحات الرئيس، رفض مستشار الأمن القومي جيك سوليفان الإجابة عما إذا كانت الولايات المتحدة ستفرض شروطا على المساعدات العسكرية إذا لم تقدم إسرائيل خطة مقبولة لرفح.