يستعد نحو 120 ألف شخص من عرقية الأرمن الساكنين في إقليم ناغورنو قره باغ، المعترف به دولياً جزءاً من أذربيجان، لمغادرة أراضيهم في الإقليم إلى أرمينيا، بعد رفضهم العيش كجزء من أذربيجان، قائلين إنهم يخشون “التعرض للتطهير العرقي”، رغم تعهد السلطات في باكو بحمايتهم.
ماذا يحدث؟
اضطر الأرمن في ناغورنو قره باغ، وهي منطقة معترف بها دولياً باعتبارها جزءً من أذربيجان رغم خضوعها لسيطرة الأرمن منذ عام 1994، إلى إعلان وقف إطلاق النار الأربعاء الماضي، بعد عملية عسكرية خاطفة استمرت 24 ساعة من قبل الجيش الأذربيجاني، الأكبر حجماً.
ونقلت وكالة “رويترز” عن ديفيد بابايان، وهو مستشار الزعيم الأرمني الانفصالي في ناغورنو قره باغ سامفيل شهرامانيان قوله: “شعبنا لا يريد العيش كجزء من أذربيجان، إن 99.9% من السكان يفضلون مغادرة أراضينا التاريخية”. وأضاف: “مصير شعبنا الفقير سيُسجل في التاريخ، باعتباره خزياً ووصمة عار للشعب الأرمني والعالم المتحضر برمته”.
وعلى الرغم من تأكيد أذربيجان أنها ستضمن حقوقهم وستقوم بدمج المنطقة، فإن الأرمن يقولون إنهم يخشون التعرض للقمع والتطهير العرقي، فيما نفت باكو وجود أي نوايا لديها من هذا القبيل.
وأعلن الزعماء الأرمن في ناغورنو قره باغ في بيان أن “جميع الذين تم تشريدهم بسبب العملية العسكرية الأخيرة ويريدون مغادرة الإقليم؛ سيتمكنون من ذلك بمرافقة قوات حفظ السلام الروسية إلى أرمينيا”.
أين سيذهبون؟
في حال عبر 120 ألف شخص ممر لاتشين إلى أرمينيا، فقد تواجه الدولة الصغيرة الواقعة في جنوب القوقاز, أزمة إنسانية.
وقال رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، الجمعة، إنه تم تخصيص مساحة لاستيعاب ما لا يقل عن 40 ألف شخص. وأضاف: “في حال لم يتم تهيئة الظروف المناسبة للأرمن في ناغورنو قره باغ للعيش في منازلهم، ولم تكن هناك آليات حماية فعَّالة ضد التطهير العرقي، فإن الاحتمال يتزايد أن ينظر هؤلاء الأرمن في الإقليم إلى مغادرة وطنهم باعتبارها الحل الوحيد، وذلك كطريقة لإنقاذ حياتهم وهويتهم”.
ولم يتضح على الفور أين ستتمكن أرمينيا، التي يبلغ عدد سكانها 2.8 مليون نسمة فقط، إيواء 120 ألف شخص في البلاد قبل فصل الشتاء.
ماذا تقول أذربيجان؟
تؤكد أذربيجان أنها ستضمن حقوق الأرمن في الإقليم، وستقوم بدمجهم في المنطقة، ولكن الصحافة المحلية تؤكد أن خروجهم من قره باغ يعد “انتصاراً كبيراً”، ينهي سنوات عديدة من الحرب والخلافات حول المنطقة.
وقال الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، إن “قبضته الحديدية” جعلت فكرة وجود منطقة مستقلة لعرق الأرمن في قره باغ من الماضي، وإن المنطقة ستتحول إلى “فردوس” في أذربيجان.
ما التأثير على المنطقة؟
يمكن أن يؤدي النزوح الجماعي إلى تغيير توازن القوى الدقيق في منطقة جنوب القوقاز، التي تتصارع روسيا والولايات المتحدة وتركيا وإيران فيها على النفوذ.
ويرى باشينيان، أن هذه الأزمة أظهرت أن بلاده لا تستطيع الاعتماد على روسيا للدفاع عن مصالحها، رغم أن موسكو ردت بأن أرمينيا ليس لديها سوى عدد قليل من الأصدقاء بجانب موسكو.
ويلقي العديد من الأرمن اللوم على باشينيان في خسارة الإقليم، ودعت الاحتجاجات في الأيام الماضية في العاصمة يريفان إلى إقالته. فيما يتهم باشينيان قوات مجهولة بالسعي لإثارة انقلاب ضده، قائلاً إن وسائل الإعلام الروسية تخوض حرب معلومات ضده.
وتمتلك روسيا قاعدة عسكرية في أرمينيا، وتعتبر نفسها الضامن الأمني الرئيسي في المنطقة، واستضافت البلاد مناورة عسكرية مشتركة هذا الشهر مع الولايات المتحدة، التي انتقدت العملية العسكرية التي قامت بها أذربيجان، فيما تدعم تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) باكو.
المصدر: الشرق