وجّه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بضرورة تكثيف الجهود الدبلوماسية مع دول الجوار لمعالجة ملف المياه، بما يضمن حقوق العراق وفق الاتفاقيات الدولية الضامنة لحق كل دولة في الحصص المائية.
رأس السوداني، الأربعاء، الاجتماع الثالث للجنة العليا للمياه، وسط تحركات حكومية لمواجهة أزمة شح المياه في العراق، ودعوات لتركيا للوفاء بالحصص المائية المتفق عليها.
ووفقاً للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، جرى خلال الاجتماع “استعراض موقف المخزون المائي الاستراتيجي في البلاد، ومعدلات الإطلاق من دول الجوار، فضلاً عن متابعة تنفيذ التوجيهات السابقة الصادرة عن رئيس الوزراء، وأبرز العقبات التي تواجه تنفيذ الخطط المعدة لمواجهة أزمة المياه، ووضع المعالجات السريعة لها”.
وأكد السوداني ضرورة “استنفار الجهود وتوفير كل التسهيلات استعداداً للموسم الزراعي المقبل، وكذلك تذليل العقبات أمام الدوائر والمؤسسات في الجانب المتعلق بالانتقال لاستعمال تقنيات الري الحديثة والذكية”.
حصة عادلة
من جانبه، قال وزير الزارعة العراقي عباس العلياوي إنَّ بلاده تعاني من أشد أزمة مياه في 30 عاماً، وطالب تركيا بتسليم العراق حصة عادلة من مياه نهري دجلة والفرات.
وأضاف الوزير العراقي في مقابلة مع وكالة أنباء العالم العربي (AWP): “العراق اليوم يطالب بحصة عادلة. هذا التغيّر (المناخي) صحيح أنه جرى لكل دول المنبع ولا سيما تركيا باعتبار أنَّ أكثر المياه التي ترد للعراق من خلال تركيا، لكن هناك حصة عادلة المفروض ومتفق أيضاً عليها”.
وتابع العلياوي: “الجانب التركي حتى الآن لم يف بالحصص المائية التي تم الاتفاق عليها”.
تأثيرات السدود التركية
وأكد وزير الزراعة العراقي، أنَّ التغيرات المناخية بالفعل أثرت على مختلف مناطق العالم في السنوات الأخيرة وأن العراق “قبل 10 سنوات أو 8 سنوات أو حتى قبل 5 سنوات لم يكن يعاني من هذه المشكلة بهذا الشكل”.
وأضاف أن هذه المشكلة تصاعدت بسبب “ما رافقها وما عزز من تأثيراتها من إنشاء للسدود المتوالية في الجانب التركي”.
وناشد العلياوي، أنقرة، بمناسبة زيارة مرتقبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى بغداد، النظر إلى أزمة المياه التي يعاني منها الشعب العراقي.
ومضى قائلاً: “الجانب التركي وما نأمله بعد زيارة أردوغان لبغداد أن تستثمر هذه الزيارة، لأننا اليوم في طور بناء علاقات أفضل. اليوم واحدة من علامات حسن الجوار النظر إلى هذا الشعب والنظر إلى ما يمر به من مأساة حقيقية”.
نزوح في الأهوار
وكشف العلياوي عن وجود تقارير دولية تشير إلى أن سكان مناطق الأهوار في جنوب العراق بدأوا يهجرون مناطقهم؛ إلى محافظات في وسط العراق وشماله، بسبب شح المياه.
وقال الوزير “هناك مناطق ترد إلينا من منظمات دولية تقارير عنها. التقرير الذي تم استعراضه أمامي اليوم تقرير خطير جداً لمنظمة الفاو، هذه منظمة دولية أصدرت تقريراً وتتحدث عن المخاطر الموجودة وبدء الهجرة الحقيقية في مناطق الأهوار باتجاه الضغط على المحافظات الشمالية أو الوسطى”.
وتمتد الأهوار على مساحة نحو 8 آلاف كيلومتر مربع في نطاق محافظات البصرة وذي قار وميسان، وهي امتداد لمياه الرافدين دجلة والفرات. لكن أهوار العراق، وخاصة في ذي قار التي تضم أكبر الأهوار العراقية، مهددة بالجفاف بعد انخفاض منسوب المياه لمستوى خطير بسبب الجفاف.
وحذَّرت منظمة الأغذية العالمية (الفاو) الشهر الماضي مما وصفتها بأنها “عواقب خطرة لتغير المناخ وندرة المياه في الأهوار”.
وتزخر الأهوار بأنواع نادرة من الأسماك النهرية، وتعتبر مرتعاً نموذجياً لمئات الآلاف من الطيور المهاجرة في الشتاء، حتى تعود خلال الربيع إلى مواطنها الأصلية في الدول الإسكندنافية وسيبيريا وشرق آسيا.
ومضى وزير الزراعة العراقي قائلاً: “مصب أنهارنا الأساسية ترد من تركيا، وأعني نهري دجلة والفرات، ليس لنا علاقة بالتفرعات أو مقدار الأنهار الصغيرة المؤثرة، لكن الأساس هو هذا، وهذا به حصة متفق عليها بين وزارة الموارد المائية مع الجانب التركي خلال المباحثات الأخيرة الشهر الماضي. تم الانتظار أن تصل هذه الكميات حتى الآن. الوضع المائي غير مطمئن”.
وتابع: “الآن نعيش الذروة، أصعب وقت يمر به العراق منذ أكثر من 30 عاماً، الصيف الحالي خاصة شهر أغسطس، وبه أكثر حاجة للمياه، بسبب درجات الحرارة المرتفعة التي تصل إلى 50 درجة”.
استراتيجيات جديدة
وأعلن وزير الإعمار والإسكان العراقي، بنكين ريكاني، الأربعاء، اعتماد استراتيجية جديدة للحفاظ على قطاع المياه، فيما أشار إلى أن نسبة هدر الماء الصافي تصل إلى 60%.
وقال ريكاني، خلال المؤتمر الوطني لإدارة المياه الآمنة في العراق، إن “الوزارة لديها استراتيجية لاستغلال كل قطرة من المياه سواء كانت على سطح الأرض أو في جوفها خلال الفترة الماضية”.
وأشار إلى أن “هناك مدناً كاملة الآن مهددة بالانهيار بسبب التسريب الكثير للماء الذي يدفع من الشبكات، منها قضاء سامراء في محافظ صلاح الدين التي تواجه مشكلة كبيرة بالتسريب، إضافة إلى محافظات أخرى”.
واضاف أن “نسبة هدر المياه في العراق تصل إلى حوالي 60% من الماء الصافي المنتج، وذلك يعود إلى شبكات المياه المتهالكة وكذلك بسبب التجاوز على هذه الشبكات، إضافة إلى عدم الجباية لتقنين استخدام المياه”.
وبيّن أن “الوزارة اعتمدت استراتيجية جديدة، وحتى تكون كاملة للمرة الأولى، وهو إعداد مخطط للماء والاستفادة من مياه الصرف الصحي، وهي آلية معتمدة في كل العالم”، لافتاً إلى أن “العراق يحتوي على محطات لمعالجة المجاري، إذ إن الماء المنتج أو مخرجات هذه الشبكات الآن تستخدم للأغراض الزراعية، وهي منتجات نقية جداً”.
وأشار إلى أن “هناك جهوداً حكومية للتسريع من مشروع تحلية مياه البحر في محافظة البصرة، وفي المرحلة الأولى سيكون معدل الإنتاج مليون متر مكعب يومياً، مما سيغطي جزءاً كبيراً من الحاجة، وربما نحتاج أيضا التوسعة لهذا المشروع”.
اعتماد على الخارج
وأعلن وزير الموارد المائية العراقي عون ذياب، الأربعاء، عن خطط لمواجهة أزمة شح المياه داخلياً وخارجياً، فيما أشار إلى اعتماد العراق بنسبة 70% من إيراداته المائية من خارج الحدود.
وقال ذياب، في كلمة خلال المؤتمر الوطني لإدارة المياه إن “البلاد تواجه تحديات شح المياه للسنة الرابعة على التوالي جراء واقع التغير المناخي التي تعصف منطقة حوضي نهري دجلة والفرات، فضلاً عن قلة الواردات المائية نتيجة سياسة دول المنبع”.
وأضاف أن “المفاوضات حول المياه مستمرة بدعم من قبل رئيس مجلس الوزراء بغية التوصل الى تحديد خطة مائية ثابتة للعراق”، مشيراً الى أنه “خلال انعقاد مؤتمر بغداد الدولي الثالث للمياه وبحضور وفود رفيعة المستوى من وزراء دول أعالي الأنهر تم التوصل الى تفاهمات من شأنها فتح الطريق للتعاون المنتج والبناء”.
ولفت ذياب، إلى أن “وزارة الموارد المائية باشرت حملة واسعة لرفع التجاوزات على الموارد المائية، وبدعم كبير من القوات المسلحة متمثلة بقيادة العمليات المشتركة ووزارة الداخلية، فضلاً عن المحافظين والحكومات المحلية”، منوهاً إلى “الجهد الكبير المبذول في هذا الاتجاه والذي أسهم في إزالة العديد من التجاوزات على مصادر المياه”.وكان المتحدث باسم وزارة الموارد المائية العراقية خالد شمال، قال في يوليو الماضي إن المخزون الاستراتيجي للمياه بالعراق بلغ أقل مستوى له في تاريخ البلاد، بسبب قلة الأمطار والإيرادات المائية في السنوات الثلاث الأخيرة.
وخلال مؤتمر بغداد الدولي الثالث للمياه في مايو، أكد السوداني أن انخفاض مناسيب مياه نهري دجلة والفرات يستدعي تدخلاً دولياً عاجلاً، مؤكدا أن شح المياه “تهديد لثقافة وحضارة العراق”.
المصدر: الشرق