أبرمت المملكة العربية السعودية، أول صفقة كبيرة في إطار سعيها لاستثمار ثروتها الهائلة في صناعة التعدين العالمية، حيث وافقت على شراء حصة في وحدة المعادن الأساسية التابعة لشركة “فالي” البرازيلية.
قالت “فالي” أمس الخميس، إن “صندوق الاستثمارات العامة” السعودي وشركة التعدين العربية السعودية “معادن”، سيستحوذان على حصة قدرها 10% في شركة أُنشئت لاحتواء أصول المعادن الأساسية لشركة “فالي”، وبشكل منفصل، ستشتري شركة الاستثمار الأميركية “إنجين نمبر 1” حصة 3% في الشركة، أما القيمة الإجمالية للصفقتين فتبلغ 3.4 مليار دولار.
تشهد استثمارات المملكة العربية السعودية حول العالم طفرة منذ سنوات، حيث تسعى إلى استثمار ثروتها النفطية في قطاعات أخرى.
استحوذ “صندوق الاستثمارات العامة” على حصص في شركات صناعة ألعاب الفيديو وصناعة السيارات الكهربائية، لكن صفقة “فالي” هي أول استثمار رئيسي للصندوق في مجال التعدين منذ تأسيسه مشروعاً مشتركاً مع “معادن” في يناير الماضي حمل اسم “منارة”.
في عملية مزايدة شهدت إجراءات مطولة، تمكّن التحالف السعودي من التغلب على المنافسين، بما في ذلك شركة التجارة العامة اليابانية “ميتسوي آند كو” (Mitsui & Co) و”جهاز قطر للاستثمار”، وفقاً لأشخاص على دراية بالموضوع، وعملت مجموعة “غولدمان ساكس” كمستشار لشركة “فالي” في الصفقة، بينما عمل “بنك أوف أميركا” مستشاراً لـ”صندوق الاستثمارات العامة” و”معادن”.
إلى جانب صفقة “فالي”، أنشأت شركة “معادن” مؤخراً مشروعاً مشتركاً مع “إيفانهو إلكتريك” الأميركية لتطوير مشروعات تعدين في المملكة العربية السعودية، وأعلنت الشركة أيضاً عن شراكات مع “باريك غولد كورب” لاستكشاف وتطوير منطقتين جديدتين في المملكة، حيث يجري تشغيل منجم النحاس في جبل صايد (أحد جبال منطقة المدينة المنورة).
المواد الحيوية
اشتهرت شركة “إنجين نمبر 1” بفوزها المذهل على شركة “إكسون موبيل” قبل عامين، عندما عيّنت ثلاثة مديرين في مجلس إدارة شركة النفط العملاقة. منذ ذلك الحين، بدأت مساعي الشركة لشراء أصول تعدين ووقود أحفوري لمساعدة الشركات على إزالة الكربون، خصوصاً مع ابتعاد مستثمرين آخرين عن هذا المجال. عيّنت الشركة، ومقرها في سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا الأميركية، مديراً من “بلاكستون غروب” لهذه الاستراتيجية.
قال إريك بيلز، رئيس قطاع رأس المال الخاص في “إنجين نمبر 1”: “تتمثل مهمتنا في مجال رأس المال الخاص في التعاون مع الشركات لخلق قيمة من خلال تشغيل الأصول بطريقة مسؤولة ومستدامة، مع توفير المواد الحيوية”.
بالنسبة إلى شركة “فالي”، وهي ثاني أكبر مورّد للحديد في العالم، ستساعد إيرادات البيع في تمويل استثمارات تصل قيمتها إلى 30 مليار دولار خلال العقد المقبل للاستفادة من الطلب المتزايد على النيكل والنحاس الذي يأتي من التحول إلى المركبات الكهربائية. وبالتالي، فإن إنشاء وحدة مستقلة للمعادن الأساسية بالتعاون مع شركاء سعوديين، قد يتيح لـ”فالي” القدرة على الاستفادة من الفرص التي قد تنشأ عن عمليات التوحيد والدمج في هذا القطاع.
بعد سنوات من التفاوض، أنشأت “فالي” وحدة المعادن الأساسية المستقلة معتمدةً بشكل رئيسي على الأصول الموجودة في كندا والبرازيل وإندونيسيا، والتي حصلت عليها في صفقة الاستحواذ على شركة “إنكو” الكندية التي أُعلن عنها في 2006، واختارت الشركة مارك كوتيفاني، الرئيس السابق لشركة “أنغلو أميركان” لقيادة مجلس إدارة مستقل للوحدة، والتي تقدّر قيمتها بـ26 مليار دولار وفقاً للصفقات التي أُعلن عنها اليوم.
تتيح عملية فصل وحدة المعادن الأساسية أمام المستثمرين، إمكانية تقييم الاستثمارات بطريقة أسهل، وتُتداول أسهم شركة التعدين البرازيلية العملاقة بخصم مقارنة بأسهم الشركات المنافسة، نظراً لكون الجزء الأكبر من أرباحها يأتي من مناجم خام الحديد في البرازيل التي شهدت انهيارات مدمرة لسدود في السنوات الأخيرة.
إضافة إلى كوتيفاني، يضم مجلس إدارة وحدة المعادن الأساسية أيضاً، جيروم غيلين، الذي أمضى عقداً من الزمن كنائب لإيلون ماسك في شركة “تسلا”. وتعتبر “فالي” مورّداً مباشراً لـ”تسلا” و”جنرال موتورز”، كما إن “فورد موتور” هي أحد شركائها في مشروع التطوير المشترك للنيكل في إندونيسيا. بحسب الرئيس التنفيذي للشركة إدواردو بارتولوميو، تتمتع وحدة المعادن الأساسية المستقلة بإمكانات كبيرة تسمح لها بأن تصبح بحجم تلك التي تتولى عمليات خام الحديد التابعة لـ”فالي”.
إغلاق الصفقة بداية 2024
من المتوقع أن يتم إغلاق صفقة بيع الحصة البالغة 13% بحلول الربع الأول من العام المقبل، وهذا مرهون بموافقة الجهات التنظيمي والرقابية. ستساعد عائدات الصفقة في زيادة الإنتاج السنوي للشركة من النحاس إلى 900 ألف طن متري من 350 ألف طن، وزيادة إنتاج النيكل إلى أكثر من 300 ألف طن من 175 ألف طن.
الخطوات التالية لفصل وحدة المعادن الأساسية التابعة لـ”فالي” غير واضحة بعد، ومن بين الخيارات المتاحة، طرح هذه الوحدة وإدراجها في البورصة.
قال بارتولوميو في أبريل: “من الواضح أن الطرح العام الأولي في المستقبل أمر يمكن أن تسعى إليه الشركة للحصول على سيولة مالية”، مشيراً إلى أن “هناك العديد من الطرق التي يمكن أن تتبعها الشركة لتعزيز السيولة لديها”.
المصدر: الشرق