إمبراطور إثيوبيا الذي اعتبره الآلاف في جامايكا إلها وبلاده أرض الميعاد

الديسك المركزي
5 دقيقة قراءة
5 دقيقة قراءة
هيلا سلاسي

خارج مقر الاتحاد الإفريقي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، يوجد رفع تمثال لآخر أباطرة إثيوبيا، وتقول منظمة الوحدة الإفريقية إن هذا التمثال يأتي اعترافا بدور الإمبراطور هيلا سيلاسي في تأسيس المنظمة.

- مساحة اعلانية-
[bsa_pro_ad_space id=4]

ربما لا يكون ذلك أول ما يتبادر إلى الذهن لدى سماع اسم هيلا سيلاسي، إذ ربما يرتبط أكثر بالمغني الجامايكي بوب مارلي، وطائفة الراستفاريين.

فمن هو هيلا سلاسي بالضبط وكيف صار معبودا بالنسبة لأناس يعيشون على بعد آلاف الأميال؟

- مساحة اعلانية-
[bsa_pro_ad_space id=3]

بداية: لماذا أقيم له تمثال؟

ظل هيلا سيلاسي في الحكم لأكثر من 30 عاما، عندما ساعد في تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية التي عقدت أول اجتماع لها في أديس أبابا في مايو/آيار عام 1963.

وكانت إثيوبيا، التي لم تتعرض للاحتلال سوى 5 سنوات من قبل إيطاليا الفاشية، رمزا للاستقلال الإفريقي في الحقبة الاستعمارية.

- مساحة اعلانية-
[bsa_pro_ad_space id=5]

وبعد أن صارت الدول الإفريقية الأخرى مستقلة أيضا كانت الفرصة سانحة لها للتجمع للنضال ضد الاستعمار وحكم الأقلية البيضاء، فضلا عن تنسيق الجهود لرفع مستوى المعيشة والدفاع عن السيادة.

وقال هيلا سيلاسي، الذي قضى عاما في إعداد عاصمته لأول اجتماع للمنظمة، في الوفود المحتشدة حينئذ: ” أرجو أن يدوم هذا الاتحاد ألف عام.”

وفي عام 2002 تحولت منظمة الوحدة الإفريقية إلى الاتحاد الإفريقي، ولكن دوره في التأسيس ظل حيا في الذاكرة، والتمثال وسيلة يعرب بها الاتحاد الإفريقي عن الامتنان.

إذن لماذا صار إلها؟

يعود ذلك إلى تتويجه عام 1930 ونبوءة أطلقها ناشط حقوق السود في جاميكا ماركوس غارفي قبل ذلك بعقد كامل.

فقد قال غارفي لأتباعه عام 1920، إن عليهم “التطلع لإفريقيا عندما يتوج بها ملك أسود حيث يصير يوم الخلاص في متناول اليد”.

لذلك عندما توج رجل يدعى راس تافاري في إثيوبيا، اعتبر الكثيرون ذلك علامة على صدق النبوءة.

الراستفاريون في جاميكا يعتبرونه المسيح

فلقد أصبح راس تافاري هيلا سيلاسي “قوة الثالوث” وعلى بعد 8 آلاف ميل وتحديدا في جامايكا صار الإله مجسدا أو “جاه” (بديل المسيح) وصارت إثيوبيا أرض الميعاد.

باختصار كان ذلك إيذانا بمولد حركة الراستفاريين.

فهل آمن هيلا سيلاسي نفسه بها؟

عندما زار هيلا سيلاسي جامايكا عام 1966، لم يحاول معارضة هذه الحركة بل وقف يحي الآلاف الذين كانوا يتحرقون شوقا لتلقي نظرة من إلههم، وكان من بين المؤمنين ريتا مارلي زوجة مغني الريغي الشاب بوب مارلي، الذي كان يقوم بجولة في الولايات المتحدة حينئذ.

وقالت ريتا لاحقا إنه عندما لوح لها هيلا سيلاسي، شاهدت آثار المسامير في كفه، مشيرة إلى أن مشاعرها الدينية تأججت في تلك اللحظة، ولدى عودة زوجها دخلا في طائفة الراستفاريين.

وبعد ذلك بثلاث سنوات بدأ الرستفاريون، في الانتقال لإثيوبيا حيث منحهم إمبراطورها قطعة أرض، وقد وصل عددهم لاحقا إلى 300 شخص.

وبعد وفاة هيلا سيلاسي عام 1975، بعد عام من إطاحة ثورة ماركسية به، وجد أتباعه أنفسهم أمام لغز ..ذلك أن الآلهة لا تموت.

وقاموا بحل هذا اللغز من خلال تفسير يقول، إن الذي مات هو جسد هيلا سيلاسي الأرضي.

والغريب أن غارفي صاحب النبوءة، التي تسببت في ظهور هذه الطائفة لم يؤمن أبدا بهيلا سيلاسي بل كان منتقدا له.

هل كان هيلا سيلاسي جيدا لإثيوبيا؟

اتهمته منظمة ووتش المعنية بحقوق الإنسان بأنه تصرف بلا مبالاة إزاء المجاعات التي ضربت مناطق عديدة في بلاده، بل وحاول إخفاء مجاعة امتدت بين عامي 1972 و1975 وشهدت وفاة أكثر من 200 ألف شخص، كما اشتهر أيضا بقمعه معارضي حكمه بعنف.

في عام 1935 قامت قوات موسيليني بغزو إثيوبيا، وبعدها بنحو عام، فر الناشط ماركوس غارفي من إثيوبيا، واصفا هيلا سيلاسي بـ “الجبان” كما انتقد ممارسات “العبودية” في عهده حيث لم يتم إلغاؤها حتى عام 1942.

كما طالب الأكاديمي يوهانز فالدرماريام، بتذكر هيلا سيلاسي كديكتاتو، مشيرا إلى أنه أصدر دستورا ركز الحكم في يديه ويدي سلالته.

ويبغضه العديد من الإريتريين، فقد ضمت إثيوبيا بلادهم في عهده عام 1962، وظلوا يصارعون من أجل الاستقلال حتى نالوه عام 1993.

ولكن مؤيدي هيلا سيلاسي، يرونه زعيما عظيما وعصريا، وكان من أوائل القادة الأفارقة الذين يبرزون على مستوى القارة.

ومازالت مناشدته لعصبة الأمم عقب الغزو الإيطالي حية في أغنية بوب مارلي الصادرة عام 1976 “حرب”.

كما يذكر التمثال الذي نصبه الاتحاد الإفريقي بأنه كان مؤيدا عظيما للتعاون الإفريقي مما يمنحه إرثا خالدا يؤثر على الملايين في أنحاء القارة.

شارك هذه المقالة
ترك تقييم