أعلنت مجموعة من العسكريين في النيجر، عبر التلفزيون الوطني، عزل الرئيس محمد بازوم، وإغلاق الحدود وفرض حظر التجوال ابتداء من هذه الليلة، في وقت دعت فيه واشنطن لإطلاق سراحه “فورا”.
وقال الرائد أمادو عبد الرحمن وهو محاط بـ 9 عسكريين آخرين يرتدون الزي العسكري: “نحن، قوّات الدفاع والأمن، المجتمعين في المجلس الوطني لحماية الوطن، قرّرنا وضع حدّ للنظام” مضيفا “يأتي ذلك على إثر استمرار تدهور الوضع الأمني وسوء الإدارة الاقتصاديّة والاجتماعيّة”.
وأكّد عبد الرحمن، تمسّك المجلس بـ “احترام كلّ الالتزامات التي تعهّدتها النيجر” مطمئنا أيضا “المجتمع الوطني والدولي فيما يتعلّق باحترام السلامة الجسديّة والمعنويّة للسلطات المخلوعة وفقا لمبادئ حقوق الإنسان”.
وأشار بيان للمجموعة العسكرية الانقلابية، إلى “تعليق كلّ المؤسّسات المنبثقة من الجمهوريّة السابعة، وسيكون الأمناء العامّون للوزارات مسؤولين عن تصريف الأعمال، وقوّات الدفاع والأمن تُدير الوضع، ويُطلَب من جميع الشركاء الخارجيّين عدم التدخّل”.
تطورات متسارعة
وفي وقت سابق، قالت مصادر للجزيرة إن مجموعة عسكرية من القوات الخاصة المتمركزين بمنطقة تيلابيري (غربي النيجر) وصلت العاصمة نيامي.
وأشارت هذه المصادر إلى أن قوات عسكرية تقف أمام مبنى التلفزيون الحكومي، وأن سيارات عسكرية عدة تتمركز بأسلحة متوسطة في الشارع الرئيسي.
وكان جنود من الحرس الرئاسي بالنيجر قد احتجزوا بازوم داخل القصر، وقالت الرئاسة إن الجيش جاهز لمهاجمة عناصر الحرس الرئاسي إن لم يتراجعوا.
وكان مئات من مواطني النيجر قد شاركوا في مظاهرات مؤيدة لرئيس البلاد المحتجز داخل القصر الرئاسي.
وطالب المتظاهرون، الذين تجمعوا أمام القصر الرئاسي وسط العاصمة، بالإفراج الفوري عن بازوم، ورد الحرس الرئاسي بإطلاق الرصاص في الهواء بعد محاولة عدد من المتظاهرين الاقتراب من أسوار القصر.
وفي تصريحات للجزيرة، قال محمد سيدي حبيب الله، عضو وحدة الاتصال الإعلامية في رئاسة النيجر، إن الجيش قد يتدخل في الساعات المقبلة لحسم الأوضاع في العاصمة.
وبينما لم يتضح سبب سلوك الحرس الرئاسي، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر مقرب من بازوم، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، أن ما وقع “تعبير عن الاستياء من جانب الحرس الرئاسي، لكن المحادثات جارية مع الرئيس”.
وأضاف: “الرئيس بخير وبصحة جيدة، ومع عائلته في المقر”.
ونقلت وكالة الأناضول عن رئاسة النيجر أن قائد الحرس الرئاسي الجنرال عمر تشياني، الذي يتولى منصبه منذ 10 سنوات، يقف وراء احتجاز الرئيس.
وتأتي هذه المستجدات تزامنا مع حديث عن اعتزام بازوم مؤخرا إقالة تشياني من منصبه.
قلق أفريقي
وتعليقا على هذه التطورات، قال رئيس المفوضية الأفريقية موسى فكي: “تم إبلاغي بمحاولة لتقويض استقرار المؤسسات الديمقراطية والجمهورية في النيجر”، مضيفا أن “ما يحدث في النيجر يرقى إلى محاولة انقلاب ندينها”.
وقبل ذلك قال فكي، إن الاتحاد الأفريقي “يدين بشدة توجه بعض الجنود لزعزعة المؤسسات الديمقراطية في النيجر” واعتبر أن ما يجري “خيانة للواجب الجمهوري” وحث الجنود على “التوقف فورا عن هذا التصرف غير المقبول” داعيا المجتمع الدولي إلى “إعادة الجنود فورا ودون شروط إلى ثكناتهم”.
من جهته، قال رئيس نيجيريا بولا أحمد تينوبو، إن قادة مجموعة إيكواس لن يقبلوا أي حركة تعيق شرعية السلطة، وعملها في أي جزء من غرب أفريقيا.
وأكد تينوبو، وهو أيضا رئيس هيئة رؤساء دول وحكومات المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، أنه يتشاور مع قادة غرب أفريقيا بشأن النيجر، وقال “سنحمي ديمقراطيتنا التي عملنا بجهد لاستحقاقها”.
في الأثناء، توجه رئيس بنين، باتريس تالون، إلى النيجر للقيام بوساطة، وفق ما أعلن الرئيس النيجيري الذي قال إثر لقائه تالون في أبوجا “سيغادر إلى هناك الآن، إنه في طريقه” إلى النيجر.
كما أدانت “إيكواس” بأشد العبارات محاولة الانقلاب في النيجر، وقالت في بيان: “ندعو المتآمرين وراء الانقلاب إلى إطلاق سراح الرئيس المنتخب ديمقراطيا بشكل فوري ودون شروط”.
وحمّلت المجموعة “الضالعين” في محاولة الانقلاب “المسؤولية عن سلامة الرئيس وأسرته وأعضاء الحكومة”.
عربيا، أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، دعمه وتضامنه مع نظيره النيجري، وقالت “الخارجية ” في بيان لها الأربعاء، إن الوزير أحمد عطاف، أجرى بتكليف من الرئيس اتصالا هاتفيا مع نظيره النيجري مسعودو حسومي، ركز على تطورات الأوضاع في هذه الجمهورية.
وأضافت الخارجية الجزائرية، أن عطاف طلب من حسومي، أن ينقل إلى الرئيس بازوم دعم وتضامن الرئيس تبون في هذه المحنة الصعبة التي تجتازها النيجر، كما تمنى تبون أن “تتغلب النيجر بسرعة على هذه المحنة وتعود بحزم وثبات إلى طريق الاستقرار السياسي والمؤسساتي”.
تنديد دولي
دوليا، دعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لإطلاق سراح بازوم “فورا”، كما حث المواطنين الأميركيين على تجنب المناطق المتأثرة بتطورات الوضع في النيجر.
وفي وقت سابق، أعلن متحدث باسم الأمم المتحدة، أن أمين العام تمكن من التحدّث مع رئيس النيجر، وأعرب له عن “دعمه”.
وأشار في منشور على تويتر، التي باتت تحمل علامة إكس “X” إلى، أن غوتيريش “تحدّث مساء مع بازوم. لقد أعرب (الأمين العام) عن دعمه الكامل وتضامنه مع الرئيس النيجري”.
وفي وقت سابق، أدان الأمين العام الأممي “بأكبر قدر من الحزم أي محاولة لتولي الحكم بالقوة” في النيجر، بحسب ما أفاد المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك.
وقال دوجاريك، إن الأمين العام “يدين بأكبر قدر من الحزم أي محاولة لتولي الحكم بالقوة والمساس بالحوكمة الديمقراطية والسلام والاستقرار بالنيجر، ويدعو جميع الأطراف المعنيين إلى التزام ضبط النفس وضمان حماية النظام الدستوري”.
من جانبه، قال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، إن الاتحاد “قلق للغاية” إزاء الأحداث الجارية بالنيجر، وذلك بعد ورود تقارير عن محاولة انقلاب هناك.
وأعرب بوريل في رسالة عبر منصة تويتر، عن “قلقه الكبير” حيال الأحداث التي تجري في نيامي، مؤكدا أن الاتحاد الأوروبي ينضم إلى مجموعة إيكواس في تنديدها بما يحدث.
وفي واشنطن، أدان البيت الأبيض “تقويض أداء حكومة النيجر المنتخبة ديمقراطيا بقيادة الرئيس بازوم”، وطالب بالإفراج الفوري عن الرئيس والكف عن استخدام العنف.
إدانة شديدة
كما أعربت فرنسا عن “إدانتها الشديدة” لأي محاولة لتولي الحكم بالقوة في النيجر، وقالت المتحدثة باسم الخارجية في بيان: “فرنسا قلقة للأحداث الراهنة في النيجر وتتابع بانتباه تطور الوضع”.
وأضافت الخارجية، أن فرنسا تضم صوتها إلى الاتحاد الأفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “في دعوتهما لاستعادة وحدة المؤسسات الديمقراطية النيجرية”.
وفي العاصمة الألمانية أعلنت الخارجية، أن الوضع في النيجر لا يزال غير واضح، وذلك بعد تقارير تحدثت عن وقوع انقلاب عسكري.
وقالت متحدثة باسم الخارجية، أمس: “الوضع هناك، كما أبلغني الزملاء، لا يزال غير واضح تماما. ونحن على تواصل مع سفارتنا هناك، ومع الشركاء الدوليين، وسنتخذ تدابير مناسبة بطبيعة الحال، إذا تطلب الأمر ذلك”.
وقال متحدث باسم وزارة الدفاع، إن من السابق لأوانه الحكم على الوضع هناك، لافتا إلى أن الجنود الألمان “آمنون الوقت الحالي”.
يذكر أن الجيش الألماني يحتفظ بقاعدة نقل جوي في نيامي لدعم المهام العسكرية غرب أفريقيا، وتحظى هذه القاعدة بأهمية لعملية سحب القوات الألمانية الجارية من مالي المجاورة.
وانتخب بازوم عام 2021 ليكون أول رئيس عربي للنيجر، ويعد حليفا مقربا لفرنسا.
وقبيل تنصيبه في 2 أبريل/نيسان 2021، أوقفت السلطات عسكريين بتهمة التحضير لمحاولة انقلابية ضد رئيس البلاد.
وتعد النيجر من أكثر دول العالم التي شهدت انقلابات في تاريخها المعاصر، إذ سجلت 4 انقلابات منذ استقلالها عن باريس عام 1960، فضلا عن العديد من محاولات الانقلاب الفاشلة.
وكان آخر انقلاب بهذه الدولة الأفريقية قد حدث في فبراير/شباط 2010، وأطاح بالرئيس مامادو تانجا.
المصدر: الجزيرة