وسط موجة حر شديدة تجتاح أوروبا، وازدياد أزمة المناخ، يتجه العديد من المسافرين نحو القطارات عوض الطائرات الملوّثة للهواء. لكن الراغبين بجعل سفرهم أكثر وعيًا يواجهون فواتير باهظة.
وفقًا لتقرير جديد، يمكن أن تكلف رحلة بالقطار لمسافة طويلة في أوروبا نحو 30 مرة أكثر من السفر بالطائرة.
جمع التقرير، الذي أعده مجموعة حملة البيئة Greenpeace، تكلفة تذاكر الطيران والقطارات على 112 مسارًا أوروبيًا في تسعة مواعيد مختلفة.
وكان معدل تذاكر القطار الوسطي ضعف تكلفة تذاكر الطيران، في حين كانت رحلات القطار من المملكة المتحدة إلى أوروبا، التي تشمل اتخاذ قطار “اليوروستار” المكلف غالبًا إلى القارة، أربعة أضعاف سعر تذاكر الطيران كمعدل وسطي.
وانسحب الأمر عينه على إسبانيا، التي تمتلك شبكة للسكك الحديدية عالية السرعة تضم أربع شركات منافسة.
وكانت تكلفة الطيران أرخص من القطار بنسبة 71% من المسارات المحللة.
كما شهدنا ارتفاعًا مفاجئًا بالأسعار. على سبيل المثال، كلف سعر تذكرة القطار لرحلة عاجلة من لندن إلى برشلونة في مايو/ أيار الماضي، وحجزها قبل يومين، 384 يورو (حوالي 430 دولار) مقارنة بـ 12.99 يورو لرحلة تابعة لشركة الطيران “رايان إير” – ما يجعل تذكرة القطار أغلى بمقدار 29.6 مرة من الطائرة.
وتعتبر رحلة من لندن إلى برشلونة ثالث أكثر طرق الطيران القصيرة شيوعًا في أوروبا، حيث قام 3.36 مليون شخص بالرحلة في عام 2019 وفقًا لتقرير Greenpeace، الذي يضيف أن تحويل تلك الرحلات الجوية إلى القطار كان قد ساهم بتوفير 461 ألف طن من غازات الاحتباس الحراري، أي ما يعادل انبعاثات السيارات السنوية لأكثر من 300 ألف سيارة.
وجاء في التقرير: “لماذا يقرر أي شخص أن يأخذ القطار من لندن إلى برشلونة ويدفع حد 384 يورو عندما تكون تذاكر الطيران متاحة بسعر منخفض للغاية قدره 12.99 يورو؟ إن المواطنين يستحقون أن يكون لديهم الوصول إلى نظام نقل نظيف وفعال وبأسعار معقولة لا يؤذي المناخ والناس وكوكبنا”.
وكانت بريطانيا وإسبانيا وبلجيكا وفرنسا وإيطاليا هي البلدان التي تتمتع بأغلى تذاكر القطارات مقارنة مع تذاكر الطائرات.
وأشار التقرير إلى أن القطارات في وسط وشرق أوروبا غالبًا ما تكون أرخص من الرحلات الجوية، لكن أوقات الرحلة وعدد رحلات القطارات ومستوى الخدمات “عادة أسوأ” من البلدان الأوروبية الغربية.
كما أن بعض شركات السكك الحديدية في أوروبا لا تبيع تذاكر الرحلة أكثر من شهرين أو ثلاثة أشهر مقدمًا، ما يمنح شركات الطيران ميزة أخرى.
الطائرات، التي تتحمل مسؤولية حوالي 2.5% من التلوث الناتج عن الاحتباس الحراري العالمي، تنبعث منها كميات تعد خمس مرات أكثر من غازات الاحتباس الحراري بالمتوسط من القطارات، وفقًا للأرقام المقدمة من وكالة البيئة الأوروبية، وكان الطيران أسرع مصدر نمو لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري في أوروبا بين عامي 2009 و2019، حيث ازدادت بنسبة 29% على مدى العقد، وفقًا لمنظمة Greenpeace.
ومع ذلك، تشير أرقام منظمة Greenpeace إلى أن المسار الجوي الثاني الأكثر شيوعًا في أوروبا، في عام 2019، كان من إدنبرة إلى لندن، وهي رحلة يمكن إتمامها في حوالي أربع ساعات ونصف الساعة بالقطار، رغم أنها تكلف ضعف السعر.
وأفادت لوريلي ليموسين، الناشطة الرئيسية لحملة المناخ في الاتحاد الأوروبي لمنظمة غرينبيس، في بيان: “تستفيد شركات الطيران من مزايا مالية فاحشة. وتتسبب الطائرات بتلوث أكثر بكثير من القطارات، فلماذا يتم تشجيع الناس على السفر بالطائرات؟
وتابعت: “تذاكر الطيران بعشرة يورو ممكنة فقط لأن آخرين، مثل العمال والمكلفين، يدفعون الثمن الحقيقي”.
وأضافت: “لمصلحة كوكب الأرض ومصلحة الناس، يجب على السياسيين أن يتخذوا إجراءات لتغيير هذا الوضع وجعل اختيار القطار وسيلة متاحة أكثر بأسعار معقولة، وإلا فإننا سنشهد موجات حر أكثر وأكثر مثل تلك التي تسبّب الفوضى في إسبانيا وإيطاليا واليونان وغيرها في الوقت الحالي”.
حثت المجموعة حكومات القارة الأوروبية على تقديم تذاكر مناخية طويلة الأمد وبأسعار معقولة للنقل العام، بما في ذلك الرحلات عبر الحدود.
واقترحوا أن يتم تمويل هذه التذاكر من خلال “تخفيض تدريجي للدعم المقدم للطيران، ونظام عادل للضرائب يعتمد على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون”.
