رايت رايتس

“مسيرة الأعلام” الإسرائيلية…هتافات عنصرية وتنديد دولي

الديسك المركزي
كتبه الديسك المركزي تعليق 10 دقيقة قراءة
10 دقيقة قراءة

شارك عشرات الآلاف من القوميين الإسرائيليين، في مسيرة بالحي الإسلامي في البلدة القديمة بالقدس، الخميس، في حدث سنوي، بمناسبة ذكرى احتلال إسرائيل للقدس الشرقية في عام 1967، ما يُثير إدانة الفلسطينيين ومخاوف من تجدد العنف.

- مساحة اعلانية-

وأصبحت مسيرة الأعلام بمثابة استعراض للقوة من جانب القوميين اليهود، إذ يعتبرها الفلسطينيون استفزازاً صريحاً يهدف إلى تقويض ما يربطهم بالمدينة.

لكن ما هذا الاحتفال ولماذا يثير كل هذه المخاوف من تجدد العنف؟

- مساحة اعلانية-

يوم القدس

في عام 1967، حاربت إسرائيل عدداً من الجيوش العربية، واستولت خلال عدة أيام على شبه جزيرة سيناء في مصر، وهضبة الجولان في سوريا، إضافة إلى قطاع غزة والضفة الغربية.

وتُعرف هذه الحرب في الدول العربية باسم “نكسة يونيو”، بينما يُطلق عليها في إسرائيل ما معناه بالعربية “حرب الأيام الستة”.

- مساحة اعلانية-

كما ضمت إسرائيل القدس الشرقية منذ ذلك الحين، في خطوة لم تحظ باعتراف دولي، وتعتبر المدينة بأكملها عاصمتها الأبدية، ويريد الفلسطينيون القدس الشرقية عاصمة لدولتهم في المستقبل.

وتتوج أحداث ذكرى تلك الحرب، بمسيرة للتلويح بالأعلام تخترق وسط مدينة القدس، قبل دخول البلدة القديمة التي تضم أماكن مقدسة للمسيحيين واليهود والمسلمين.

وفي السنوات القليلة الماضية، تحول العرض على نحو متزايد إلى احتفال لاستعراض القوة من القوميين اليهود، في وقت يعتبر الفلسطينيون هذا استفزازاً صريحاً يُراد به تقويض علاقاتهم بالمدينة.

مسيرة التوترات

بحسب ما أفادت وكالة “رويترز”، يمر الموكب الخاضع لحراسة أمنية مشددة عبر الشوارع الضيقة للبلدة القديمة، بما في ذلك المناطق التي تحظى بشعبية بين الفلسطينيين مثل باب العامود والحي الإسلامي، مما يجبر بعض أصحاب المتاجر العرب على الإغلاق.

وشهد الموكب في الماضي بعض أعمال التحريض والعنف العنصريين.

وهناك مصدر آخر للتوتر هو زيارات مجموعات كبيرة من اليهود، منهم أعضاء في البرلمان، لحرم المسجد الأقصى.

ويقول الفلسطينيون إن الزيارات وعمليات الشرطة من حولهم هي محاولة إسرائيلية للتعدي على أحد الأماكن القليلة التي يشعرون فيها بدرجة من السيادة في المدينة.

ويقول المسلمون إن الزوار اليهود تتزايد انتهاكاتهم للحظر المفروض منذ عقود على أداء طقوس دينية لغير المسلمين في حرم المسجد الأقصى.

بينما تقول إسرائيل إنها تمنع مثل هذه الأمور وتحافظ على الوضع الراهن.

أحداث عنف

خلال مسيرة 2021، أطلقت حركة “حماس” صواريخ على إسرائيل، فاندلعت حرب استمرت 11 يوماً أودت بحياة 250 فلسطينياً على الأقل في غزة، و13 شخصاً في إسرائيل.

وقدمت حماس التي تحكم غزة المحاصرة، نفسها في السنوات القليلة الماضية على أنها مدافعة عن الفلسطينيين في القدس والأماكن المقدسة، وقبل مسيرة، الخميس، حذرت الحركة من “انفجار” إذا انتهك المشاركون اليمينيون في المسيرة الوضع الراهن في الحرم الأقصى أو هاجموا فلسطينيين.

ونظم الفلسطينيون أيضاً مسيرات أعلام خاصة بهم، هذا العام، في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل وقطاع غزة، ومن المقرر تنظيم بعض المسيرات على بعد بضع مئات الأمتار فقط من السياج الفاصل بين إسرائيل وغزة.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يقود حكومة مؤلفة من أحزاب قومية ودينية إن المسيرة ستمضي قدماً كما هو مقرر.

وتمركزت الشرطة في مواقع بالقرب من باب العامود (باب دمشق)، وهو مكان عادة ما يحتشد فيه الفلسطينيون، وحيث ستدخل المسيرة إلى البلدة القديمة. وعلق المنظمون الأعلام الإسرائيلية على طول الأزقة الضيقة المرصوفة بالحجارة.

وانضم إلى المسيرة، التي شقت طريقها عبر الحي الإسلامي في البلدة القديمة، وزراء وأعضاء في الكنيست من أحزاب يمينية على رأسهم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ووزير الطاقة يسرائيل كاتس، ووزير النقب والجليل يتسحاق فاسرلاف.

هتافات ضد العرب

خلال المسيرة وأثناء التجمع في منطقة باب العامود، هتف مشاركون عبارات ضد العرب والفلسطينيين، كما ألقى متظاهرون زجاجات فارغة باتجاه الصحافيين العرب المشاركين في تغطية المسيرة، التي انتشر أكثر من 3 آلاف شرطي لتأمينها.

وقالت الشرطة الإسرائيلية، إنها اعتقلت المشتبه بهم في مهاجمة الصحافيين ووسائل الإعلام، وعثرت على سلاح أبيض بحوزة أحدهم.

وهدد كاتس خلال المسيرة باغتيال قائد حركة “حماس” في غزة يحيى السنوار، إذا جرى اعتراض المسيرة، وقال “من يجلس في غزة في الملاجئ والأنفاق، ويُهدد بالإضرار بهذه المسيرة، بما في ذلك زعيم حماس يحيى السنوار، إذا تجرأ على ذلك فسيكون مصيره مثل مصير أصدقائه من الجهاد الإسلامي”.

وشهدت القدس اشتباكات بين شبان فلسطينيين ومستوطنين قبيل المسيرة وأثنائها، فيما أغلقت الشرطة بعض الشوارع والأبواب في المدينة، واعتقلت عشرة مقدسيين.

ومنذ ساعات الصباح، الخميس، بدأ المستوطنون في التجمع استعداداً للمشاركة في المسيرة، فيما سمحت الشرطة لهم بالدخول إلى المسجد الأقصى وأداء صلوات على شكل مجموعات. وأفادت الأوقاف الفلسطينية في بيان لها، بأن أكثر من 1200 مستوطن اقتحموا الأقصى.

وقال شهود عيان في القدس، إن الشرطة الإسرائيلية هاجمت عدداً من الفلسطينيين الذي تجمعوا عند باب العامود، وحاولت تفريقهم وإجبارهم على مغادرة المكان.

وبحسب الشهود، فإن مجموعة من المستوطنين هاجموا أيضاً عدداً من الفلسطينيين داخل أسواق البلدة القديمة في القدس، في أكثر من حادثة.

احتجاجات فلسطينية

ورداً على مسيرة الأعلام التي شارك فيها قوميون إسرائيليون، خرج فلسطينيون في عدد من مدن الضفة الغربية في وقفات احتجاجية، تخللها رفع العلم الفلسطيني.

وشهدت مدينة الخليل في الضفة الغربية مسيرة غاضبة، أكد عدد من المشاركين خلالها رفضهم لمسيرة الأعلام الإسرائيلية، وشددوا على تمسكهم بالقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، كما انطلقت مسيرة مماثلة في مدينة جنين شمال الضفة.

وشهدت بلدة الخضر في محافظة بيت لحم مواجهات بين شبان فلسطينيين والقوات الإسرائيلية، التي ردت بإطلاق قنابل الغاز والرصاص المطاطي باتجاه المتظاهرين.

وفي جنين، أعلنت حركة الجهاد أن “كتيبة جنين” استهدفت سيارتين للمستوطنين في محيط مستوطنة “دوتان” جنوب غرب جنين بالرصاص، و”حققت إصابات مباشرة”، بحسب البيان.

وفي قطاع غزة شارك مئات الفلسطينيين في مظاهرة قرب حدود القطاع مع إسرائيل، ورفع المشاركون أعلاماً فلسطينية، وأطلقوا بالونات في الهواء تحمل شعارات مناهضة لمسيرة الأعلام الإسرائيلية.

وأشعل المحتجون النيران في إطارات سيارات، بينما ردت قوات إسرائيلية بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع عبر الحدود، أسفرت عن إصابة 5 فلسطينيين على الأقل.

وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، الخميس، إن “الشعب الفلسطيني هو من يمنح الشرعية في القدس وليس إسرائيل أو الولايات المتحدة”.

واعتبر في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا”، أن مسيرة الأعلام “استفزاز وتصعيد إسرائيلي مدان ومرفوض”، مؤكداً أن هذه الأعمال لا تعطي شرعية لأحد.

وقال شادي مطور، أمين سر حركة “فتح” في القدس، إن الفلسطينيين “هم من يفرضون المعادلة في القدس ولا أحد سواهم”.

وأضاف “حشد 3 آلاف شرطي لتأمين مسيرة في القدس يؤكد أن المدينة لا زالت فلسطينية وستبقى كذلك، ولو كانت عكس ذلك، لما احتاجوا لهذه العدد من الشرطة لتأمين مسيرتهم”.

بدوره، قال الناطق باسم حركة “حماس”، حازم قاسم، “إن تنظيم مسيرة الاحتلال في القدس المحتلة بكل هذا الاستنفار يكشف أن إسرائيل وبعد عشرات السنوات من احتلال القدس، عاجزة تماماً عن فرض وجودها أو سيادتها”.

وفي تصريح سابق، الخميس، قال القيادي في حركة حماس إسماعيل رضوان “ندعو أهالينا في الضفة الغربية والداخل لشد الرحال إلى المسجد الأقصى للدفاع عنه ولوقف المسيرة الإسرائيلية”.

وعن احتمال التصعيد مع قطاع غزة، أضاف رضوان “نحن لن نستبق الأحداث لكن الفصائل الفلسطينية والشعب في خندق واحد للدفاع عن القدس والأقصى”.

رفض عربي

الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، أدان سماح السلطات الإسرائيلية بتنظيم المسيرة في القدس، محذراً من أن هذه الأفعال تنذر بـ”تفجر الأوضاع”.

ونقل بيان الجامعة العربية عن أبو الغيط، قوله “مثل هذه الأفعال المتهورة، التي تجري تحت حماية الحكومة الإسرائيلية وبمشاركة من بعض رموزها، إنما تصب الزيت على النار، وتدفع بالأوضاع إلى حافة الانفجار في الأراضي المحتلة”.

وأدانت الخارجية المصرية، اقتحام المسجد الأقصى، خلال فعاليات مسيرة الأعلام، ووصفته بأنه “تصعيد غير مسؤول، يؤجج المشاعر ويزيد من التوتر والاحتقان القائم في الأراضي الفلسطينية”.

كما أدانت الإمارات اقتحام المسجد الأقصى من قبل أعضاء في الكنيست والحكومة الإسرائيلية، ودعت في بيان، إسرائيل، إلى وقف التصعيد، وعدم اتخاذ خطوات تُفاقم التوتر، وعدم الاستقرار في المنطقة.

وكانت وزارة الخارجية الأردنية، أدانت في وقت سابق، الخميس “السماح لأحد أعضاء الحكومة الإسرائيلية وأعضاء من الكنيست والمتطرفين باقتحام المسجد الأقصى تحت حماية الشرطة الإسرائيلية”، في إطار مسيرة الأعلام.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأردنية سنان المجالي، إن اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى يُعد انتهاكاً لـ”الوضع التاريخي والقانوني القائم والقانون الدولي”.

وفي المنامة، أعربت وزارة الخارجية عن إدانة البحرين لقيام أعضاء بالحكومة الإسرائيلية ونواب في الكنيست ومتطرفين باقتحام المسجد الأقصى تحت حماية الشرطة الإسرائيلية، مؤكدة أن ذلك يمثل “انتهاكاً لقواعد القانون الدولي”.

قلق بريطاني وتنديد أميركي

في شأنٍ ذي صلة، قالت القنصلية البريطانية في القدس، إنها تشعر بالقلق من الهتافات العنصرية الإسرائيلية، ضد الفلسطينيين والعرب خلال مسيرة الأعلام الإسرائيلية، الخميس.

ودعت القنصلية عبر تويتر، الجميع إلى “الكف عن التحريض والعنف”.

وأعلنت الخارجية الأميركية، على لسان المتحدث باسمها ماثيو ميلر، إدانة الولايات المتحدة لـ”اللغة العنصرية”، و”الهتافات البغيضة” ضد العرب خلال مسيرة الأعلام في القدس.

المصدر: الشرق- BBC

شارك هذه المقالة
ترك تقييم