رفع المركزي البريطاني سعر الفائدة الأساسية بمقدار ربع نقطة مئوية (0.25 في المئة) في اجتماع لجنة السياسات النقدية اليوم الخميس لتكون المرة الـ 12 منذ نهاية العام قبل الماضي التي رفع فيها المركزي البريطاني سعر الفائدة التي وصلت الآن إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2008 عند 4.5 في المئة.
وعلى رغم أن البنك حذر في قراره من أن معدلات التضخم ستظل مرتفعة بنسبة أكبر مما كان يقدرها سابقاً، إلا أنه رفع تقديراته للنمو الاقتصادي بأكثر مما فعل في تاريخه.
واستبعدت لجنة السياسات النقدية في البنك دخول الاقتصاد البريطاني في ركود هذا العام، كما كان مقدراً سابقاً، إذ كان البنك توقع مع نهاية العام الماضي أن يشهد الاقتصاد البريطاني أطول فترة ركود في تاريخه الحديث.
وأرسل المركزي البريطاني رسالة مبطنة إلى الأسواق بأن هذه الزيادة في سعر الفائدة ربما تكون الأخيرة، لكنه في الوقت نفسه أبدى تفاجؤه بالمعدلات المرتفعة لأسعار الغذاء في إشارة إلى أن التضخم سيظل مرتفعاً العامين الحالي والمقبل.
وقدر البنك أن يصل معدل التضخم هذا العام إلى خمسة في المئة وليس أربعة في المئة كما كان يتوقع في وقت سابق، ويعني ذلك أن رئيس الوزراء ريشي سوناك، لن يتمكن من الوفاء بوعده بخفض معدل التضخم بمقدار النصف هذا العام، فضلاً عن أن معدلات التضخم ستظل أعلى من ضعف النسبة المستهدفة من قبل بنك إنجلترا عند اثنين في المئة.
إشارات متضاربة
وتوقعت لجنة السياسات النقدية أن معدلات البطالة في بريطانيا لن تزيد على الأربعة في المئة، بينما كانت تقديراتها السابقة أن تزيد معدلات البطالة في الاقتصاد البريطاني على ستة في المئة بحلول عام 2025.
ويتناقض ذلك التفاؤل مع توقعات صندوق النقد الدولي الصادرة أخيراً التي رجحت انكماش الناتج المحلي الإجمالي البريطاني بنسبة 0.25- في المئة هذا العام.
ورسم البنك في بيانه صورة أكثر تفاؤلاً في شأن النمو الاقتصادي للمرة الأولى في العام الأخير، بعدما توقع في وقت سابق أن الاقتصاد البريطاني لن يعود لأوضاع ما قبل أزمة وباء كورونا التي ستحتاج إلى أعوام.
إلى ذلك قدر البنك أن ينمو الاقتصاد بنسبة 0.25 في المئة هذا العام، بينما كان توقع البنك السابق بانكماش بنسبة 0.5- في 2023، كما رجح أن ينمو الاقتصاد العام المقبل بنسبة 0.75 في المئة، بينما كان تقديره السابق بانكماش بنسبة 0.25- في المئة في 2024.
على رغم هذا التفاؤل الواضح في شأن نمو الاقتصاد وتفادي الركود، إلا أن المعدلات المتوقعة لا تعني تحسناً في الأداء الاقتصادي، إذ إن متوسط النمو التقليدي سابقاً كان في حدود اثنين في المئة سنوياً، كما أن تفاجئ البنك باستمرار ارتفاع أسعار الغذاء يعني أن ضغوط كلفة المعيشة على البريطانيين لن تخف، وربما هذا ما أبقى مخاوف الجمهور، كما أشار كثير من المعلقين في وسائل الإعلام البريطانية.
ففي وقت تنخفض كلفة إنتاج الأغذية، تواصل أسعارها في بريطانيا الارتفاع، وبحسب ما فهم من بيان لجنة السياسات النقدية فإن ذلك الصعود مستمر للعامين الحالي والمقبل، مما يشير إلى أن كلفة المعيشة لمعظم الشعب البريطاني مستمرة في الزيادة.
قروض الرهن العقاري
أضف إلى ذلك أن زيادة كلفة الاقتراض نتيجة أسعار الفائدة المرتفعة الآن تعني أن الأسر البريطانية ستواجه مزيداً من الضغوط، إذ إن نسبة الفائدة الأساسية عند 4.5 في المئة تعني أن الفائدة على القروض العقارية ستزيد على ستة أو سبعة في المئة، ويترجم ذلك إلى أقساط شهرية ربما لا يستطيع معظم البريطانيين تحملها في ظل تراجع القيمة الحقيقية لدخولهم بسبب ارتفاع معدلات التضخم.
وذكر البنك في بيانه أن ثلث من عليهم قروض عقارية تأثروا بالفعل بارتفاع أسعار الفائدة من قبل، إذ بدأت البنوك ومؤسسات الإقراض العقاري منذ فترة رفع سعر الفائدة على قروض الرهن العقاري.
مع ذلك، فإن ثلث هؤلاء سيواجهون الارتفاع في الأقساط حين يحل موعد تغيير الفائدة المربوطة على القروض وذلك لمن حصلوا على قروض رهن عقاري بفائدة محددة لمدة تتراوح بين عامين وخمسة أعوام من قبل وحان الآن موعد تجديدها.
وإذا كان بعضهم يقدر أن عدداً معقولاً من البريطانيين تمكنوا من الادخار في فترة أزمة وباء كورونا، فإن البنوك لا ترفع الفائدة على الودائع بمعدل رفع سعر الفائدة الأساسية، بينما ترفعها على الإقراض بأعلى من سعر الفائدة الأساسي الذي يحدده البنك المركزي.
وهكذا سيجد البريطانيون أنفسهم في وضع ربما هو الأسوأ على رغم الإشارات المتفائلة من البنك المركزي، ولن تكون تلك مشكلة الحكومة فحسب، بل أيضاً من الصعب التكهن بما سيكون على البنك المركزي أن يفعله إذا ظلت معدلات التضخم “تفاجئه” بارتفاعها.
المصدر: إندبندنت عربية