رايت رايتس

قرية فيليسيتي بصحراء كاليفورنيا….”متحف تاريخ البشرية”

الديسك المركزي
كتبه الديسك المركزي تعليق 4 دقيقة قراءة
4 دقيقة قراءة
قرية فيليسيتي

يستيقظ جاك أندريه إيستل فجر كل يوم، ويتناول فطوره في سريره في قرية فيليسيتي، التي بناها بدافع من أحلامه وسط صحراء سونورا بولاية كاليفورنيا الأميركية، ويصفها بأنها “مركز العالم”.

- مساحة اعلانية-

فعلى مساحة 1000 هكتار (الهكتار في النظام الأميركي يعادل 10 آلاف متر)، أقام الرجل الفرنسي الأميركي عالمه المذهل الذي يؤكد أنه يجمع في مكان واحد كل تاريخ البشرية.

ويعتبر إيستل البالغ من العمر 94 عاماً، أنه لا مثيل لهذا المتحف المقام في الهواء الطلق “في أي مكان آخر على هذا الكوكب”.

- مساحة اعلانية-

في هذا المكان، تتجاور الضخامة مع الغرابة.

وفي قلب فيليسيتي، يمتد 723 لوحاً من الجرانيت الوردي في مجموعة غريبة من الأشكال الهندسية، ويبدو المكان من الجو أشبه بتلك الأنماط المنحوتة في الحقول للإيحاء بوجود كائنات فضائية.

وتوفر اللوحات الموضوعة المنقوشة بعناية، رحلة انتقائية عبر تقلبات البشرية.

- مساحة اعلانية-
جاك أندريه يتجول في قريته
جاك أندريه يتجول في قريته

مركز العالم

وتتجاور طقوس الفايكينج القربانية، مثلاً مع الإسكندر الكبير، وغزو الفضاء مع أقسام أخرى مخصصة للباندا أو العادات الغذائية الأميركية.

والمكان محاط بمصلى وهرم، فيما تؤكد لافتة معدنية للسياح أنهم في “مركز العالم” بالضبط.

وسبق للرسام السريالي سلفادور دالي، أن أطلق هذه التسمية على محطة بربينيان للقطارات في فرنسا في ستينيات القرن العشرين.

لكنّ إيستل يعلّق مبتسماً بأن “مركز العالم يمكن أن يكون في أي مكان”.

وبلغ به الأمر حدّ الكتابة إلى المعهد الوطني الفرنسي للجغرافيا عام 1989 للاعتراف بهذه الصفة.

ويحتفظ برسالة مهذبة من الإدارة الفرنسية، تقر بوجود المكان وباسمه، لكنها تحرص على عدم التعليق على الصلاحية العلمية للمفهوم.

وفاز إيستل بمنصب رئيس بلدية فيليسيتي مدى الحياة دون أي معارضة، إذ حصل على نسبة 100% من الأصوات، وهي 3 أصوات، صوت زوجته فيليسيا، وهي أميركية صينية استوحى اسم القرية من اسمها، وصوته هو، وصوت التنين الخياليّ، وهو شخصية في قصة للأطفال كتبها بنفسه لكي يوفر لقريته قصة أسطورية.

ويعود الفضل إلى هذا الكتاب تحديداً في حصوله على اعتراف السلطات المحلية منذ عام 1985، وبعد ذلك بعامين، شارك دبلوماسي من القنصلية الصينية في سان فرانسيسكو في افتتاح مكتب البريد في فيليسيتي.

وأمضى إيستل المولود عام 1929 السنوات الأولى من حياته في باريس وسط عائلة ميسورة، لكنه ترك فرنسا مع عائلته خلال الحرب العالمية الثانية.

منظر جوي لقرية فيليسيتي التاريخية الصغيرة
منظر جوي لقرية فيليسيتي التاريخية الصغيرة

شراء سان دييجو

وتولى والده المصرفي النافذ أندريه إيستل، الذي كان مستشاراً مالياً للجنرال شارل ديغول، وساعد في إنشاء البنك الدولي في مرحلة ما بعد الحرب، تنظيم هروب عائلته إلى الولايات المتحدة.

ومن بين الأطفال الأربعة، كان جاك أندريه دائماً “المشاغب”، وكان لشخصيته هذه أثر على مستقبله.

فبعد تخرجه في جامعة برينستون، عمل في بداية حياته المهنية في المجال المالي في “وول ستريت” نزولاً عند رغبة والده، لكنّ هذا العالم لم يرق له، فتطوع في البحرية الأميركية وحصل على رخصة قيادة طائرة وأصبح من هواة القفز بالمظلات.

ودفعه شغفه إلى المشاركة في تأسيس المنتخب الوطني الأميركي للسقوط الحر، ومكّنه من تحقيق ثروة، إذ لاحظ أن المعدات في هذا المجال كانت بدائية يومها، فحسّن مظلاته وأسّس شركة لتصنيعها، باتت تبيع منتجاتها إلى الجيش الأميركي.

ولكن لماذا أقام فيليسيتي في وسط الصحراء؟

يجيب مازحاً: “لأنني لم أكن أملك المال اللازم لشراء سان دييجو”.

ولدى التسعيني النشيط الذي يحرص على رياضته اليومية في حوض السباحة، هاجس دائم هو كتابة لوحات جديدة على مسلات قريته، يتولى نقشها حرفيون، ومصممة لتصمد آلاف السنين أمام المخاطر الزلزالية في كاليفورنيا.

ويقول باسماً إن “علماء الآثار في المستقبل سيحققون اكتشافاً عظيماً” في حال وقوع زلزال.

شارك هذه المقالة
ترك تقييم