وسط انفراجة سياسية بين إيران والمملكة العربية السعودية، وبين الرياض ودمشق، توقع البعض انعكاسات إيجابية على الوضع اللبناني، باعتبارها من الدول الفاعلة هناك، على صعيد انتخاب رئيس الجمهورية والحكومة، والتوصل إلى تفاهمات تنهي الأزمة السياسية والاقتصادية في البلاد.
وتحدث وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، خلال زيارته للبنان، عن دعم بلاده لبيروت حكومة وشعبًا وجيشًا ومقاومة، مؤكدًا أن زيارته بمثابة فرصة لإجراء مشاورات مع المسؤولين، في ظل تطورات المنطقة، مشيرًا إلى أن بلاده تحمل أفكارًا ومبادرات لتحسين الوضع في لبنان، من المقرر طرحها والتشاور حولها مع المسؤولين اللبنانيين، وفقا للوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية الرسمية.
وقال مراقبون إن المبادرات الإيرانية دائمًا ما تكون إيجابية وتهدف إلى تحقيق الأمن والاستقرار في لبنان، بيد أن نتائجها لا يمكن الحكم عليها إلا بعد إتمام المصالحة ما بين طهران والسعودية من جهة، وسوريا والمملكة من جهة آخرى.
تسوية إقليمية
اعتبر سركيس أبو زيد، المحلل السياسي اللبناني، أن المبادرات التي أطلقها وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، للبنان إيجابية، وتعكس الجو العام الإقليمي والدولي، المتجه إلى نوع من المصالحات والتفاهمات، التي لم تتبلور نهائيًا بعد.
وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك”، لا يمكن التأكد من مدى نجاح هذه المبادرات في إنقاذ الوضع، قبل أن تستكمل الحوارات والمفاوضات والتسويات التي تتم بين إيران والمملكة العربية السعودية بشكل خاص، والخليج بشكل عام، وما بين المملكة وسوريا، وبعدها يمكن القول إن هناك مظلة إقليمية للتفاهم اللبناني- اللبناني.
وأوضح أن هذا الأمر لا يزال خاضعا للتجاذبات داخل لبنان، وكل فريق ينتظر ويسعى حتى تكون التسوية لمصلحته وتقوي حظوظه ودوره وخياراته، لذلك يمر لبنان في مرحلة انتقالية لا يمكن أن تستقر، قبل أن تتم التسوية الفعلية ويتم ترجمتها بين إيران ودول المنطقة، معتبرًا أن الوصول لهذه النتيجة قد يهيئ ظروفًا أفضل من أجل انتخاب رئيس الجمهورية، وتفعيل مبادرات تؤدي إلى إنقاذ البلاد من الانهيار.
ويرى أبو زيد أن هناك حالة من الترقب والانتظار حتى تتبلور التسويات القائمة، مع الأخذ بالاعتبار أن جميع الاحتمالات مفتوحة على مفاجآت قد تكون سارة أو غير سارة، في عملية ومسار التفاوض والتسوية التي انطلقت لكن لم تظهر نتائجها النهائية بعد.
مصالحة مطلوبة
بدوره، اعتبر ميخائيل عوض، المحلل السياسي اللبناني، أن المعطيات الراهنة والقائمة تنفي أن هناك إمكانية للاستفادة من العروض والتقديمات الإيرانية أو الدولية، بسبب التعطيل الجاري في كافة مناحي الحياة، وكذلك في الاستحقاقات الانتخابية في البلاد.
وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك”، خلال الأشهر المقبلة، ربما تجري الأمور على منهج واتجاه آخر مختلف، إذا انعكست المصالحات العربية والإسلامية، خاصة الإيرانية السعودية، على لبنان إيجابيا، وأفضت إلى إنجاز الاستحقاق الرئاسي وانتخاب الرئيس والحكومة سيكون هناك فوائد كبيرة للبنان، وكذلك لإيران على مستوى دورها الإيجابي والمحوري، وقبول مبادراتها بحماسة في الداخل.
ويرى عوض أن المبادرات الإيرانية دائمًا تصب في صالح تعزيز استقرار وسيادة لبنان، حيث سبق وأطلقت طهران مبادرة تسليح الجيش اللبناني بأهم وأحدث التجهيزات العسكرية، ومبادرة تأمين شحنة من الفيول لتشغيل المولدات الكهربائية اللبنانية لـ 6 أشهر مجانا، وكذلك الإعلان عن استعداد إيران لإنشاء محطتان لتوليد الكهرباء بطاقة 3000 ميغاوات خلال فترة قصيرة.
وأكد أن بجانب المبادرات الإيرانية في تعزيز جاهزية الجيش اللبناني وقدراته وحفظ استقراره وسيادته، هناك كذلك مبادرات على المستوى الإنساني والاجتماعي والتنموي.
ووصل وزير الخارجية الإيراني، الأربعاء الماضي، إلى بيروت، على رأس وفد من الخارجية الإيرانية، في إطار زيارة رسمية تستمر يومين، يلتقي خلالها المسؤولين في لبنان للبحث في القضايا الإقليمية والدولية.
وقال وزير الخارجية اللبناني، عبد الله بو حبيب، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الإيراني، إن الاتفاق بين إيران والسعودية سيكون له انعكاسات على لبنان واليمن والقضية الفلسطينية.
وتابع: “بحثنا مع الوزير الإيراني الاتفاق الذي جرى في الصين بين إيران والسعودية ونتمنى أن يأتي بالخير على بلادنا”، مشيرًا إلى أن هذا الاتفاق يلعب دورًا مهمًا في إرساء السلام في المنطقة.
ولفت بو حبيب خلال المؤتمر الصحفي، إلى أن وزير الخارجية الإيراني عرض تقديم إيران المساعدة إلى لبنان في قطاع الكهرباء.
ومنذ سبتمبر/ أيلول الماضي، فشل البرلمان اللبناني 11 مرة في انتخاب رئيس للجمهورية خلفا للرئيس السابق ميشال عون، الذي انتهت ولايته في أكتوبر/ تشرين الأول 2022.
المصدر: سبوتنيك