رايت رايتس

أزمة المياه تدق ناقوس الخطر في أوروبا

الديسك المركزي
كتبه الديسك المركزي تعليق 5 دقيقة قراءة
5 دقيقة قراءة
الجفاف في إسبانيا

يمكن القول إن أوروبا التي واجهت وتواجه في السنوات الأخيرة أزمات عدّة بينها أزمة الهجرة والحرب في أوكرانيا وكوفيد-19، تتحضر لأزمة كبيرة أخرى ألا وهي أزمة المياه.

- مساحة اعلانية-

تسجل إسبانيا في هذا الأسبوع الأخير من شهر نيسان/أبريل درجات حرارة قياسية في الجنوب، فيما تعاني مقاطعات عدّة فيها، أبرزها الأندلس وكتالونيا، من شحّ غير مسبوق في مستوى مخزون مياه الأمطار.

إسبانيا، شريان أوروبا الحيوي الذي يمّد السوق الأوروبية بمختلف أنواع الخضار والفواكه تدقّ ناقوس الخطر وصوته يتردد في بلدان عدّة خصوصاً إيطاليا وفرنسا.

- مساحة اعلانية-

ففي إيطاليا انخفض مستوى المياه في أكبر نهر في البلاد، نهر بادي (نهر بو بالإيطالية) هذا الأسبوع إلى مستويات يشهدها عادة في حزيران/يونيو، بينما تشهد فرنسا جدلاً كبيراً بسبب قوانين تحظر على المواطنين استخراج المياه الارتوازية في المناطق الجنوبية، رغم انقطاع مياه الدولة عن وحدات سكنية.

وحتى نيسان/أبريل الجاري، ووسط تراجع ملحوظ في كمية المتساقطات شتاءا، يبدو ربعُ القارة الأوروبية يعاني من جفاف بالغ، ترافقه مخاوف من صيف قوي وحرائق تهدّد الغابات والغطاء النباتي.

وفي إشارة إلى إدراك السلطة السياسية لخطورة الأمر، اعترف رئيس الوزراء الإسباني، الاشتراكي بيدرو سانشيز، بأن الجفاف سيكون أحد المواضيع الأساسية في النقاشات السياسية في البلاد خلال السنوات المقبلة.

- مساحة اعلانية-

وفي وقت سابق من هذا العام، أشارت دراسة أنجزت بالاعتماد على صور أقمار اصطناعية، إلى أنّ القارة تشهد أكبر موجة جفاف منذ العام 2018، ويصعّب الارتفاع المطرد في درجات الحرارة مهمة العودة إلى مستويات المياه المعهودة.

وفي حين قد تساهم الأمطار التي من المحتمل أن تتساقط في الأسابيع المقبلة في تعزيز نسبة المياه في التربة ومساعدة القطاع الزارعي، فإن تلك التساقطات لن تكون قادرة على تعزيز مخزونات المياه الجوفية.

 فمن المعروف أن المياه في هذا الفصل من العام تبقى في قشرة الأرض حيث يستهلكها النبات، بعكس المياه التي تتساقط في الشتاء. 

وبذلك يمكن القول إن أوروبا التي واجهت وتواجه في السنوات الأخيرة أزمات عدّة، بينها أزمة الهجرة والحرب في أوكرانيا وكوفيد-19، تتحضر لأزمة كبيرة أخرى ألا وهي أزمة المياه.

شتاء جاف

كان من الممكن أن يؤدي الشتاء الماضي إلى تعزيز مخزونات المياه في القارة ولكن الفصل جاء ناشفاً إلى حدّ بعيد.

ففي فرنسا التي شهدت أجفَّ شتاء منذ 60 عاماً، لم تتساقط الأمطار لأكثر من عشرين يوماً متتالياً من كانون الثاني/يناير حتى شباط فبراير.

وفي إيطاليا قالت مؤسسة “سيما” التي تعنى بالشؤون البيئية إن تساقط الثلوج تراجع بنسبة 64 بالمئة في البلاد حتى نيسان/أبريل، وعليه تراجع مستوى المياه في نهر بادي إلى مستويات صيفية، بينما نفد نحو نصف مخزون بحيرة غاردا، أكبر بحيرة في إيطاليا.

وفي إسبانيا، ذكر تقرير صادر عن جمعية المزارعين أن هناك حاجة إلى “نسيان” محاصيل الحبوب في أربع مناطق بأكملها هذا العام، بينما قال أحد خبراء الأرصاد الجوية لصحيفة إل باييس “وداعاً لمحصول الزيتون بالكامل تقريباً”.

دور التغيّر المناخي

إن توقع تساقط الأمطار على المدى البعيد يعدّ أمراً صعباً بالنسبة للعلماء، خاصة مع تغيّر المناخ الذي يغير وتيرة ونمط تساقط تلك الأمطار. في السنوات الأخيرة بدا أن المطر ينهمر بشكل أقل، ولكنه ينهمر بزخم أكبر إذا ما حدث ذلك، ما أدى إلى فيضانات عارمة وقاتلة.

ومن بين التوقعات القليلة طويلة الأجل، برزت توقعات خدمة الطقس الألمانية لعام 2020: الوكالة قالت إن البلاد ستشهد هطول أمطار أقلّ خلال العقد الحالي.

ولكن حتى لو بقي مستوى المتساقطات كما هو حالياً، وهذا أمر غير مرجّح بحسب العلماء، فإن تغير المناخ سيقلل من توفّر المياه عبر مساحات شاسعة من أوروبا.

فالجفاف ظاهرة معقدة، ويمكن أن تلعب العديد من العوامل، مثل سوء إدارة المياه أو الاستهلاك المفرط، دوراً في تعزيزه أو مكافحته. ومع ذلك فإنه من المؤكد أن يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى مزيد من الضغط على إمدادات المياه في القارة.

من جهة ثانية، يؤثر التغير المتاخي بقوة على التيار النفاث الأوروبي وهذا يؤثر بدوره بطريقة مباشرة في نظم الضغط الجوي. قد تشهد القارة فترات طويلة من الجفاف، أو بعكس ذلك، فترات طويلة من الرطوبة والتساقطات التي قد تأتي بالدمار كما حدث في ألمانيا في 2021.

ثالثاً، تتقلص القمم الجليدية والغطاء الجليدي في أوروبا بسرعة بفضل ارتفاع درجات الحرارة، ما سيحرم الأنهار الرئيسية مثل نهر الراين أو الدانوب أو الرون أو نهر بو (بادي) من الإمدادات الحيوية.

المصدر: يورونيوز

شارك هذه المقالة
ترك تقييم