رايت رايتس

زيارة بلينكن…هل تعيد العلاقات مع أديس أبابا؟

الديسك المركزي
كتبه الديسك المركزي تعليق 7 دقيقة قراءة
7 دقيقة قراءة
أنتوني بلينكن وزير الخارجية الإمريكي

أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن جملة من المساعدات الإنسانية تصل إلى 331 مليون دولار لإثيوبيا التي تواجه جفافاً غير مسبوق في عدة مناطق.

- مساحة اعلانية-

وقال بلينكن الذي وصل في زيارة رسمية للعاصمة الإثيوبية، أمس الأربعاء، سوف “نوفر هذا التمويل المنقذ لحياة النازحين والمتضررين من الحرب والجفاف وانعدام الأمن الغذائي في إثيوبيا”.

وأضاف “المساعدات الجديدة التي ترفع إجمالي المساعدات الإنسانية الأميركية لإثيوبيا إلى أكثر من 780 مليون دولار في السنة المالية الأميركية 2023 مخصصة للجميع، وليس لمجموعة أو منطقة واحدة”. وأوضح “نريد أن نتأكد من أن كل من يحتاج لتلك المساعدة سيحصل عليها”.

- مساحة اعلانية-

وحث الحكومة الفيدرالية وجبهة تحرير تيغراي على تعميق اتفاقية السلام، وضمان تطبيقها بشكل آمن. مؤكداً “أنها لحظة مهمة، لحظة أمل نظراً للسلام الذي استتب في الشمال، لكن يتوجب القيام بكثير من الجهود لتعميق السلام الذي يترسخ في الشمال”.

وكان بلينكن التقى خلال زيارته نظيره الإثيوبي دمقي مكنن في مقر وزارة الخارجية وأجرى معه مباحثات ضمت وفدي البلدين.

كما أجرى مباحثات مطولة مع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، استمرت لأكثر من ساعتين. وجاء في البيان الصحافي الذي نشرته الخارجية الأميركية، أنهما “ناقشا أهمية المساءلة عن الفظائع التي ارتكبتها جميع الأطراف خلال النزاع والحاجة إلى عملية شاملة للعدالة الانتقالية”.

- مساحة اعلانية-

بدوره قال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الأربعاء، عبر حسابه الرسمي على “تويتر”، إنه أجرى مع الطرف الأميركي، مناقشات معمقة في شأن مختلف القضايا المحلية والثنائية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك”، معلناً “اتفاقهما على تعزيز العلاقات الثنائية الطويلة الأمد بين البلدين مع الالتزام بالشراكة”.

عودة حذرة

ورغم أهمية الزيارة باعتبارها الأولى لبلينكن بعد جملة من التطورات السلبية التي طرأت على علاقات البلدين، فإن كبيرة الدبلوماسيين الأميركيين لشؤون أفريقيا مولي في، حذرت من تعليق آمال كثيرة عليها، مؤكدة “أن العلاقات بين البلدين ليست جاهزة للعودة إلى طبيعتها”.

وقالت، إن “زيارة بلينكن حالياً تهدف إلى المساعدة في توطيد السلام”، وأشارت إلى أن “أديس أبابا بحاجة إلى اتخاذ خطوات مهمة تساعد في كسر دائرة العنف السياسي والعرقي، إذا كانت بالفعل تريد دفع علاقاتها مع واشنطن إلى الأمام”.

 وأضافت، للصحافيين، “الصراع الذي خاضته إثيوبيا كان مزلزلاً، لقد تضمن فظائع مروعة ارتكبتها جميع الأطراف، وكانت مزعجة لاستقرار البلاد واقتصادها، الذي يواجه أيضاً ظروف جفاف تاريخية”.

ولعل ما صرحت به المسؤولة الأميركية، ليس السبب الوحيد لتوقع استمرار العلاقات على حالتها الراهنة، بل ثمة ملفات إقليمية أخرى تسهم في توتر العلاقات، بينها التحالف الإثيوبي- الإريتري، حيث تصنف واشنطن الأخيرة دولة مارقة. وشهدت العلاقات بينهما خلال العامين الماضيين أسوأ حالاتها، عندما فرضت عقوبات قاسية على مسؤولين إريتريين بذريعة التورط في “جرائم حرب في تيغراي”.

كما شن الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، في حواره الأخير عبر التلفزيون الإريتري، انتقادات واسعة على من سماهم “زمرة واشنطن” في إشارة إلى الإدارة الأميركية، التي اتهمها بدعم جبهة تيغراي لإعلان الحرب الأخيرة، وقال إن “واشنطن متورطة بشكل مباشر في اندلاع الحرب واستمرارها لأكثر من عامين”، فيما تتهم الولايات المتحدة، الجيش الإريتري بارتكاب فظائع تصل إلى درجة “التصفية العرقية” في تيغراي.

من جانب آخر تبدو واشنطن قلقة، من سياسات أفورقي في كل من السودان والصومال، فضلاً عن تأثيره الكبير في القرار السياسي بأديس أبابا.

أجندة ما بعد الحرب

من جهته يرى الباحث السياسي المتخصص في شؤون إثيوبيا والقرن الأفريقي أحمد فايد “أن أجندة ما بعد الحرب غالباً ما ترتبط بشروط الطرف المنتصر، وتهدف بشكل أساس ضمان إحياء المصالح في واقع ما بعد الحرب”.

يضيف “في الوقت الراهن يعتبر آبي أحمد الشخص الأبرز في المنطقة الذي باستطاعته أن يلعب دوراً إيجابياً في المربعات الأساسية للأجندة الأميركية، سيما بعد تمكنه من حسم النزاع لصالحه”. يشير أيضاً إلى وجود مخاوف من تأثر إثيوبيا بحليفها الإريتري في الحرب ممثلاً في الرئيس أسياس أفورقي، الذي يميل إلى الأجندة الروسية، ومن ثم السعي لسحب البساط من احتمال تأثيره في آبي أحمد أكثر من أميركا”.

ويتوقع أن تعود العلاقات الأميركية- الإثيوبية إلى سابق عهدها، إلا أن ذلك قد يؤدي إلى “توتير العلاقات بين الحليفين الإثيوبي والإريتري”، مرجحاً أن “ينحاز آبي أحمد إلى الخيار الأميركي مطَلقاً بذلك تحالفه مع أفورقي، وهو ما دفع الأخير ربما إلى التحرك مبكراً نحو الصومال والسودان قبل زيارة بلينكن”.

يوضح “أن أفورقي يعلم جيداً، أن أي تقارب بين أديس أبابا وواشنطن بالضرورة سيضر بعلاقته مع الأولى وبالتالي تحسب لذلك بخلق تحالفات (جديدة– قديمة) بالمنطقة.

صفحة جديدة

من جهته ذهب الباحث السياسي الإثيوبي جيداون تسفاو، إلى “أن زيارة بلينكن تفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين بعدما تأثرت بالحرب”، مؤكداً “أن العودة إلى مسارها الطبيعي تحتاج إلى وقت وجهود إضافية”.

يضيف “أن الولايات المتحدة لديها شروط أساسية تتمثل في تقديم المتهمين بارتكاب الجرائم من كلا الطرفين لمحاكمات عادلة على أن يتم ذلك في إطار مبادئ العدالة الانتقالية”، ورغم التحفظ الرسمي الإثيوبي على هذا التوصيف، فإن “حاجة أديس أبابا إلى بناء تعاون اقتصادي وتجاري مع الولايات المتحدة قد يدفعها إلى تقديم تنازلات قاسية، بما في ذلك تقديم بعض قادتها العسكريين للمساءلة القانونية”.

وفي إجابته عن سؤال يتعلق بتحديات المرحلة المقبلة بين البلدين، يقول “ثمة أمور تقلق واشنطن أهمها النزاعات العرقية المتمددة في البلاد سواء في تيغراي أو أوروميا أو إقليم الصومال، كما أن التحالف الإثيوبي مع إريتريا يمثل تحدياً بالأساس”.

وفي حين يرى صعوبة حلحلة النزاعات الداخلية، فإن “تفكيك العلاقة مع أسمرة يظل أمراً متوقعاً سيما أنه يأخذ طابع المصلحة”، حيث انتهاء “الصراع في تيغراي قد مثل مقدمة لانتقاء شروط العلاقة”. 

ويشير إلى حوار الرئيس الإريتري، الذي تضمن انتقادات ضمنية لاتفاقية السلام الأخيرة، ملمحاً أنها “وثيقة أميركية معدة مسبقاً، في حين لم يكن دور المفاوضين فيها أكثر من التوقيع” وهي إشارة سالبة في حق “حلفائه في أديس أبابا، تماماً كما أعدائه في تيغراي. لن يكون آبي أحمد مستعداً لدفع ثمن تحالفه مع أفورقي إذا ما اشترطت واشنطن تعاونها معه بفك الارتباط مع أسمرة”.

المصدر: إندبندنت عربية

شارك هذه المقالة
ترك تقييم