أنا فتاة نشأت على دورس الباليه. ذلك النشاط الذي بدأ كهواية تحول مع دخولي سن المراهقة إلى شيء سام أكثر.
رأيت فتيات بعمر 14 عاماً يدخن السجائر بعد الحصة وسمعت أصوات التقيؤ المثيرة للأسف قادمة من المراحيض.
كنت أعرف السبب، إنها النحافة التي بدت قمة الكمال الذي يمكن أن تصل إليه الراقصة.
بالطبع، لم يكن هذا الهوس جزءاً من عالم الباليه فقط. لقد كان في كل مكان وشيئاً طبيعياً. كانت الحميات الغذائية موضوعاً تناقشه جميع النساء حول العالم على حد علمي.
احتجت إلى وقت طويل كي أدقق في ثقافة الحميات الغذائية التي نشأت ضمنها، وأتعرف على رهاب السمنة والضرر المجتمعي الذي يلحق بالأشخاص الذين يمتلكون أجساداً بأحجام كبيرة.
بمرور الوقت، وبعد كثير من الجهد والتثقيف، بدأت أتحرر من حلقة فقدان الوزن واكتسابه المفرغة التي كنت عالقة فيها منذ سنوات المراهقة.
تبنيت نهج الأكل الفطري (وهو نظام غذائي يتعامل بحيادية مع الوزن ويتبع نهج الإصغاء إلى إشارات الجوع الطبيعية التي يرسلها جسدك). كنت أمارس الرياضة بغرض المتعة أكثر من معاقبة نفسي.
اعتقدت حقاً أن علاقتي بالطعام قد شفيت في الغالب.
ثم سمعت عن عقار “أوزمبيك” Ozempic، وهو دواء جديد يسوق كعلاج لمرض السكري، اكتسح عناوين الأخبار ويجذب موضوعه أعداد كبيرة من المستخدمين على تيك توك.
علي أن أوضح أنه لم يكتسب شهرته من فعاليته في علاج داء السكري من النوع الثاني، ولكن لاستخدامه غير الرسمي كعلاج يساعد على فقدان الوزن.
تردد أن التهافت بين أبناء النخبة في لوس أنجلوس وفناني الصف الأول للحصول على “أوزمبيك” القادر على إنقاص الوزن تسبب في ارتفاع كبير على الطلب.
وتعود فعالية الدواء إلى مادة نشطة هي “سيماغلوتايد” semaglutide تنظم نسبة السكر في الدم، لكنها تؤدي كيميائياً إلى النفور من الطعام أيضاً.
هذا التأثير، إلى جانب قدرة الدواء على إطالة الشعور بالشبع، جعلاه حلاً يبدو كالمعجزة لفقدان الوزن بسرعة وفعالية.
يتم حقن ’أوزمبيك’ تحت الجلد في منطقة البطن أو الفخذ عادة، ويلقب بالفعل بـ “حقنة النحافة”.
الحقيقة أن النحافة السهلة هي بمثابة صفارة إنذار لكثير من الناس، وبخاصة النساء، إنها حالة مرغوبة تم تكييفنا عليها منذ الطفولة.
لكن الحقيقة التي بيّنها لنا “أوزمبيك” فعلاً هي مدى قرب تلك الرغبة من السطح وكم هي قوية حقاً.
تسبب الطلب المتزايد على العقار بالفعل في نقص توفره لأولئك الذين يحتاجون إليه فعلاً، ناهيك عن القائمة الطويلة للآثار الجانبية المرتبطة باستخدامه التي تتراوح بين الغثيان والإعياء وصولاً إلى مخاطرة جسيمة أكثر مثل سرطان الغدة الدرقية.
زد على ذلك، فإن “أوزمبيك”، مثله مثل كثير من صرعات الحميات الغذائية التي سبقته، يكون فعالاً فقط أثناء تناوله، حيث أبلغ عديد من الأشخاص الذين استخدموه في السابق عن استعادة كل الوزن الذي فقدوه مرة أخرى واكتساب المزيد بعد التوقف عن تناوله.
نظراً للتكاليف المرتبطة باستخدام “أوزمبيك” لأغراض غير المصمم من أجلها أساساً، والشعبية المتزايدة للعلاجات التجميلية الهادفة إلى التعامل مع علامات الشيخوخة المبكرة التي يسببها الدواء، يبدو الأمر برمته وكأنه ثقب أسود يبتلع المال والوقت والاعتداد بالنفس.
وبالطبع، ما زاد الطين بلة هو تزامن التهافت للحصول على “أوزمبيك” مع إعادة إحياء موضة أزياء الألفية.
حيث عادت سراويل الجينز ذات الخصر المنخفض والبطون العارية، وحتماً رجعت معها الصورة المثالية للجسم التي سادت في العشرية الأولى من القرن الحالي.
رؤية سرعة تقلب عالم الموضة مزعجة لكنها ليست مفاجئة ربما، فبعد سنوات حملت شعار الصورة الإيجابية للجسد، يبدو أن عارضات الأزياء الممتلئات اختفين من عروض الأزياء خلال أسبوع الموضة.
وإلى حد كبير، كان فقدان كيم كاردشيان كمية هائلة من الوزن قبل حفل “ميت غالا” Met Gala السنة الماضية بمثابة إنذار مبكر على كل ما حدث منذ ذلك الحين.
على أية حال، يجب ألا ننسى أن معايير الجمال هي في نهاية المطاف خيالات عقيمة ومتقلبة، مهما كان شكل الجسد المرغوب حالياً، فإنه مدفوع على الأغلب بندرته أكثر من أي شيء آخر.
مثلما كانت الأجسام الممتلئة تشير ببساطة إلى الثروة والجمال في عصر النهضة، فإن النحافة اليوم هي رمز المكانة المختار للدلالة على الصفات عينها بالضبط.
بالنسبة لي، يبدو أننا نقف أمام خيارين: إما الاستمرار في محاربة شهيتنا وكراهية أجسادنا وإهدار أموالنا، أو الانسحاب ببساطة من كل هذا الهرج السخيف.
قد يمثل الخيار الثاني تحدياً، لكن النتائج على الأقل ستكون صحية وثابتة، على عكس كل حمية غذائية جربتها في حياتي.