صدر في العدد الأخير للجريدة الرسمية، بتاريخ التاسع من مارس (آذار)، مرسوم يتعلق بحل المجالس البلدية، ونص الفصل الأول على حل جميع المجالس البلدية إلى حين انتخاب مجالس جديدة.
وسبق أن أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد لدى ترؤسه مجلس الوزراء مساء الأربعاء الماضي أن المجلس نظر في “نص يتعلق بحل المجالس البلدية وتعويضها بنيابات خصوصية”، وأضاف وفق مقطع فيديو نشرته الرئاسة التونسية عبر صفحاتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي في ساعة باكرة من فجر أمس الخميس، أن المجلس نظر أيضاً في “مرسومين يتعلقان بتنقيح القانون الانتخابي لأعضاء المجالس البلدية وبانتخاب المجلس الوطني للجهات”.
وفي هذا السياق اعتبر الخبير في الشأن المحلي محمد ضيفي أن “قرار حل المجالس البلدية كان منتظراً، بخاصة إزاء وضعية عدد من المجالس البلدية والمشكلات الداخلية في صلبها، إضافة إلى المشكلات التي حصلت بين السلطتين المحلية والمركزية جراء بلاغ الجامعة الوطنية للبلديات بتاريخ الـ 26 من يوليو (تموز) 2021، والذي يعتبر معارضاً لمسار قيس سعيد”.
تغيير الخريطة السياسية
ورأى ضيفي أن “حال البلديات اليوم ليست على ما يرام، فأكثر من 50 مجلساً بلدياً حل نفسه بنفسه مع استقالة أكثر من 1300 عضو مجلس بلدي، وأيضاً لظهور تجاذبات داخل المجالس البلدية مما أثر سلباً في خدماتها”.
من جانب آخر رأى ضيفي أن “حل المجالس البلدية جاء ضمن مسار كامل لتغيير الخريطة السياسية للبلاد”، معرباً عن أمله في عدم تأثر استقرار العمل البلدي خلال هذه المرحلة السابقة للانتخابات البلدية والتي قد تطول وفق رأي الخبير في الشأن المحلي التونسي الذي أضاف أن “النيابات الخصوصية هي لجان تتكون من 10 إلى 26 عضواً يختارهم الولاة (المحافظون) من بين أهالي كل منطقة بلدية، وتصدر هذه التركيبة الجديدة بمقتضى أوامر حكومية ويتواصل عملها إلى حين انتخاب مجالس بلدية جديدة وفق القانون الانتخابي الجديد”.
ويشار إلى أن المدة النيابية للمجالس البلدية المنتخبة شارفت على الانتهاء (2018 – 2023) إذ تفصلنا أسابيع قليلة عن موعد الـ 12 من يونيو (حزيران) 2023 وهو تاريخ انقضاء المدة النيابية بحسب ما ينص عليه القانون الانتخابي التونسي، وتعتبر المجالس البلدية المنتخبة مباشرة الأولى من نوعها بعد أحداث 2011.
سياسة العدمية والتحطيم
من جهته أكد رئيس الجامعة الوطنية للبلديات التونسية عدنان بوعصيدة أن قرار رئيس الجمهورية قيس سعيد حل كل المجالس البلدية وتعويضها بنيابات خصوصية كان متوقعاً، وأسف لما حصل وقال في تصريح لوسائل إعلام محلية إن “الجامعة كانت قد دعت إلى إجراء انتخابات المجالس البلدية باعتبار أن العهدة انتهت، وإلى مواصلة العمل في مسار اللامركزية”، آملاً ألا يكون لهذا القرار تأثير في البنية التحتية والعمل الذي قامت به البلديات في مجال التنمية المحلية.
واعتبر الناشط في المجتمع المدني معز عطية أن تجربة اللامركزية ومردود المجالس البلدية المنتخبة يجب أن يقيم بموضوعية وعقلانية وبطرق علمية للوقوف على ايجابيات التجربة وتلافي سلبياتها، “وكان من المفروض تنقيح القانون الانتخابي ومجلة الجماعات المحلية على ضوء هذا التقييم والذهاب إلى انتخابات بلدية تفرز مجالس جديدة منتخبة”، مضيفاً أن “سياسة العدمية والتحطيم والتدمير لها رأي آخر بحل مجالس بلدية منتخبة بقرار سياسي خارج عن القانون، وتنصيب نيابات خصوصية هدفها الوحيد التمكن من الإدارة المحلية كما فعلت أحزاب حاكمة سنة 2011 حلت النيابات الخصوصية التوافقية ونصبت نيابات خصوصية موالية لها”.
أمر منتظر
في المقابل اعتبر المتحدث الرسمي للتيار الشعبي محسن النابتي أن “قرار الحل جاء متأخراً باعتبار أن تركيبة المجالس البلدية ناتجة أساساً من توازنات العشرية الأخيرة، أي منذ سنة 2014” مضيفاً أن “بعض من هذه الأحزاب اليوم لم يعد موجوداً في الساحة السياسية وبعضها الآخر قياداته في السجون بتهم فساد، وبالتالي فقدت هذه المجالس البلدية شرعيتها بمفعول التحولات السياسية وبالمفعول القانوني باعتبار أن عهدتها النيابية تنتهي في شهر مايو (أيار) المقبل، وبالتالي فحلها أمر طبيعي ومنتظر”.
وتابع، “يبقى البديل هو الانتخابات لاستكمال المسار والانتهاء من المرحلة الموقتة”.
وتوقع النابتي أن “يتم تعديل القانون الانتخابي بمرسوم رئاسي لإجراء انتخابات بلدية في أقرب وقت”، لكنه لم يستبعد السيناريو الآخر وهو أن ينتظر الرئيس التونسي انعقاد جلسات مجلس النواب الجديد للنظر في هذا القانون الانتخابي، معتبراً أن “من غير الممكن العمل بالقانون الانتخابي القديم”.
المصدر: إندبندنت عربية