رد مجلس النواب في جورجيا، اليوم الجمعة، مشروع قانون مثير للجدل اعتبر منسوخاً عن قانون روسي حول تصنيف بعض المنظمات ووسائل الإعلام على أنها “عملاء أجانب”، وأثار هذا الأسبوع تظاهرات معارضة حاشدة وعرض محاولة البلاد لتوثيق علاقاتها بأوروبا للخطر، فيما اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن احتجاجات جورجيا “ترقى إلى محاولة انقلاب”.
وقال لافروف للتلفزيون الروسي، “يشبه ذلك كثيراً (تظاهرات) ساحة ميدان في كييف” التي تعتبرها موسكو محاولة انقلاب دبّرها الغرب.
واعتبر لافروف مشروع القانون الجورجي بأنه كان “ذريعة لإطلاق محاولة لتغيير النظام بالقوة”.
وخلال جلسة برلمانية، رفض 35 نائباً النص في القراءة الثانية وأيده نائب واحد بينما امتنع أغلب النواب الحاضرين وعددهم 112 عن التصويت، بعد أن كان أقر، الثلاثاء، في القراءة الأولى، مما أثار حركة احتجاجات وسلسلة إدانات دولية.
وفي مواجهة التظاهرات، تراجع حزب “الحلم الجورجي” معلناً، الخميس، أنه سيسحب دعمه لمشروع القانون.
الاحتجاجات
ونزل عشرات الآلاف من مواطني جورجيا للشوارع في العاصمة تبيليسي لثلاث ليال متتالية للاحتجاج على مشروع القانون، وقالوا إن الحكومة تحاول توجيه البلاد لمسار أكثر استبداداً.
واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت ومدافع المياه لتفريق المحتجين الذين احتشدوا خارج البرلمان واعتقلت العشرات.
وتضمن مشروع القانون إلزام المنظمات غير الحكومية التي تتلقى أكثر من 20 في المئة من تمويلها من الخارج بالتسجيل لدى وزارة العدل تحت بند “الوكلاء الأجانب”.
ويقول معارضون لمشروع القانون إنه على غرار قانون روسي يعود لعام 2012 استخدمه الكرملين بكثافة للتضييق على المجتمع المدني ووسائل الإعلام المستقلة.
ودافعت الحكومة عن مشروع القانون بوصفه ضرورياً لزيادة الشفافية فيما يتعلق بتمويل المنظمات غير الحكومية والكشف عن الوجه الحقيقي لمنتقدي الكنيسة الأرثوذكسية الجورجية التي تحظى بالنفوذ، ورفضت الحكومة مقارنته بالقانون الروسي.
حرب روسيا على أوكرانيا في مطلع العام 2021، سبقتها تجربتان أصغر نطاقاً: الأولى حرب خاطفة على جورجيا عام 2008، والثانية ضمّ شبه جزيرة القرم عام 2014. وبذلك، شهدت الألفية الثالثة يقظة الدب الروسي، تمهيداً لبداية حقبة جديدة في العلاقات الدولية.
بين روسيا وأوروبا
وتسبب طرح الحزب الحاكم مشروع القانون في تزايد الانتقادات الداخلية للحكومة على أساس أنه إشارة إلى قربها الأوثق من اللازم من موسكو بما يتعارض مع الرأي العام في جورجيا المناهض بشدة لروسيا.
وتشهد الجمهورية السوفيتية السابقة التي يبلغ عدد سكانها أربعة ملايين نسمة، أزمة سياسية منذ سنوات نتيجة تجاذبها بين أوروبا وروسيا.
وتواجهت موسكو وتبيليسي في عام 2008 في حرب قصيرة انتصر فيها الجيش الروسي.
وتطمح تبيليسي إلى الانضمام رسمياً إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، وهو اتجاه اتخذ بعد “ثورة الورد” في عام 2003 التي حملت إلى السلطة ميخائيل ساكاشفيلي المؤيد للغرب وهو اليوم معارض ومسجون.
لكن عدداً من الخطوات التي اتخذتها الحكومة الحالية، مثل مشروع القانون حول “العملاء الأجانب”، أثار شكوكاً حول استمرارها في الخط المؤيد للغرب، في وقت تتهمها المعارضة بدعم موسكو.
موسكو تراقب بقلق
ووصف مسؤولون من الاتحاد الأوروبي مشروع القانون بأنه لا يتوافق مع طموحات جورجيا المتعلقة بالانضمام للتكتل، ورحب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بالتخلي عنه.
في المقابل، قال الكرملين إنه ليس له أي مشاركة ولا صلة من أي نوع بطرح مشروع القانون ورفض تلميحات عن أنه مستلهم من روسيا.
واتهم المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف الولايات المتحدة بتأجيج المشاعر المعادية لروسيا لدى آلاف المحتجين في جورجيا.
وفي إشارة إلى تصريح أدلت به الرئيسة الجورجية سالومي زورابيشفيلي من نيويورك، الخميس، دعماً للمتظاهرين، قال بيسكوف، “إنها تتحدث إلى شعبها ليس من جورجيا، ولكن من أميركا”، معتبراً أن “يداً مرئية” تعمل على “إثارة شعور معاد لروسيا”.
وذكر الكرملين، الجمعة، أنه يرى مخاطر من “استفزازات” محتملة في أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، وهما إقليمان انفصاليان في جورجيا تدعمهما روسيا، بعد الاحتجاجات التي خرجت في جورجيا اعتراضاً على مشروع القانون.
وقال بيسكوف إن موسكو تراقب الموقف “بقلق”.
المصدر: إندنبندنت عربية