وثائق باللغة العبرية وقطع أثرية “غاية في الأهمية” اكتُشفت خلال تنقيبات بمعبد يهودي تاريخي بإقليم طاطا المغربي، قام بها فريق بحثي يضم باحثين من جنسيات أخرى، بإشراف الباحث المغربي الصغير مبروك.
وقال بلاغ للمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث إن هذه المقتنيات بـ”المعبد اليهودي تكاديرت”، “لا تؤرخ فقط للمكون اليهودي بجنوب المغرب والتاريخ المحلي للمنطقة، بل أيضا لتاريخ المغرب انطلاقا من شواهده الأثرية المادية”.
الصغير مبروك، أستاذ باحث بالمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث بالرباط، قال إن هذه “أولى الحفريات حول اليهود المغاربة التي جرت بالبلاد في موقع يهودي، بدراسة أركيولوجية ومنهجية علمية وعملية دقيقة جدا في التنقيب، لإخراج القطع الأثرية سليمة، وخاصة المخطوطات العبرية، التي تعتبر ذات قيمة علمية وتاريخية مهمة”.
وأضاف عالم الآثار في تصريح لهسبريس: “وجدنا عقود بيع وشراء قديمة، وعقود زواج، وتمائم، وتوراة، وقطعا كثيرة جدا، بالإضافة إلى القطع الأخرى المتعلقة بتأثيث المعبد”.
ومن بين القطع المكتشفة أيضا “بعض التحف الفنية بالمعبد، متعلقة بالمكون العبري للمغرب، وبعض النقود القديمة غير المعروفة، التي ما زلنا نبحث فيها، بالإضافة إلى نقود من عهد محمد الرابع وحسن الأول، وأخرى نقدر أنها تعود إلى ما قبل القرن 15، وتحتاج تنظيفا وبحثا”.
وسجل المتحدث أن فريق التنقيب “يعمل على الحفاظ على البنيات والتصميم الأصلي للمعلم تاريخيا، حتى يمكن ترميمها ترميما يحافظ على أصالتها؛ فلا نقوم فقط بالحفر، والتنقيب، وإخراج المواد، بل أيضا بالترميم لإعادة المعبد إلى أصله ليزوره الناس في مقوماته الأصلية”، وهو ما يمكن أن ينتج عنه “نشاط اقتصادي وسياحي للمغاربة والأجانب”.
وتابع مبروك: “القطع الأثرية التي وجدناها، من مخطوطات وأدوات أثرية، غاية في الأهمية من الناحية التاريخية؛ لأنها تؤرخ بالدرجة الأولى لمنطقة أقا، عبر التاريخ المحلي، الذي هو جزء من التاريخ العام، علما أن هناك اليوم إعادة النظر في التاريخ العام بالانطلاق من التاريخ المحلي، بالبحث في تاريخ كل منطقة منطقةِ لكتابة تاريخ المغرب من جديد”.
وأبرز مبروك أهمية هذا الاكتشاف، “خاصة في علاقة الجنوب المغربي بدول جنوب الصحراء، مع أقّا، وتامدونت التابعة لإقليم طاطا التي كانت من أهم المحطات التجارية في عهد الأدارسة، والتي اكتشفنا فيها أول مسجد في جنوب المغرب”.
وأكّد الصغير مبروك أن “لعلماء الآثار دورا كبيرا في إعادة كتابة تاريخ المغرب، انطلاقا من الشواهد المادية المستخرجة من تحت الأرض دون أن يطالها مسّ، مما يجعلها شواهد مادية، عكس الوثائق التي قد يقع فيها تزوير أو تحريف”.
وتابع بأن “هذا أساسي لإعادة كتابة المغرب الجديد؛ فهذا الاكتشاف جزء من إعادة كتابة تاريخ المغرب متعدّد الثقافات: المتوسطية، الأمازيغية، الأندلسية، العربية، الإسلامية، اليهودية بل وحتى المسيحية، نظرا لموقعه، والمكون العبري جزء من تاريخ وهوية المغرب، ولم تكن دراسات سابقة بالأبحاث الأثرية قد طالت معبدا يهوديا أو ملاحا مغربيا”.