بدأت صباح اليوم الخميس، جنازة البابا السابق بنديكتوس السادس عشر الذي توفي السبت عن 95 سنة، في ساحة القديس بطرس في روما، في مراسم يترأسها خلفه البابا فرنسيس بحضور عشرات آلاف ورؤساء دول وحكومات وملوك.
ووُضع النعش الخشبي الذي يحتوي على جثمان يوزف راتسينغر، أمام المذبح حيث وصل البابا فرنسيس على كرسي متحرك.
ووجود بابا في جنازة سلفه هو سابقة في التاريخ المعاصر للكنيسة، ووقف فرنسيس وحوله خمسة كرادلة أمام المذبح في الساحة الضخمة.
ومن بين رؤساء الدول والحكومات الذين قدموا لحضور الجنازة، المستشار الألماني أولاف شولتز، ما استدعى انتشاراً أمنياً ضخماً.
وقبل بدء المراسم، وقف المؤمنون وبينهم عدد كبير من الكهنة والراهبات، في طابور لعبور البوابات الأمنية ودخول الساحة. وحمل البعض أعلام ألمانيا ومقاطعة بافاريا التي يتحدر منها البابا الراحل، إضافة إلى أعلام الأرجنتين بلد البابا الحالي. وحمل مؤمنون ألمان لافتة كبيرة كُتب عليها “شكراً بنديكتوس!”.
ومن الاثنين حتى الأربعاء، تقاطر قرابة 200 ألف مؤمن إلى كاتدرائية القديس بطرس لإلقاء النظرة الأخيرة على جثمان عالم اللاهوت الألماني الذي أثار تنحيه عام 2013 صدمة في العالم أجمع. وتترقب سلطات مدينة روما توافد 100 ألف شخص لحضور الجنازة.
ويوارى يوزف راتسينغر الثرى من دون مشاركة المؤمنين، في سرداب بالكاتدرائية كان يضم جثمان يوحنا بولس الثاني حتى عام 2011، إلى جانب 90 بابا آخر.
ودعا الكرسي الرسولي رسمياً إلى الجنازة بعثتين فقط هما الألمانية والإيطالية، لكن عدداً كبيراً من المسؤولين السياسيين ورجال الدين والملوك من كل أنحاء العالم حضروا، بينهم ملك بلجيكا فيليب ورؤساء إيطاليا وبولندا وتوغو وملكة إسبانيا السابقة صوفيا إضافةً إلى وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان.
ويحيي القداس الذي يُقام وفقاً للطقس اللاتيني بلغات عدة ويستمر لمدة ساعتين، أكثر من أربعة آلاف كاردينال وأسقف وكاهن.
ووفقاً للتقليد، سيحتوي نعش بنديكتوس المصنوع من خشب شجر السرو، على نقود معدنية وميداليات سكّت خلال فترة حبريته، ولباسه الكهنوتي فضلاً عن نص يصف بشكل مقتضب حبريته يوضع في أسطوانة معدنية.
ومُنح أكثر من ألف صحافي من 30 بلداً تصاريح لتغطية الحدث وتمّت تعبئة ألف شرطي، إضافةً إلى عدد كبير من المتطوعين من الدفاع المدني الإيطالي.
سابقة في التاريخ
ويشكل هذا الحدث سابقةً في التاريخ المعاصر للكنيسة الكاثوليكية. ففي عام 1802، ترأس البابا بيوس السابع مراسم جنازة بيوس السادس الذي توفي في المنفى بفرنسا قبل ثلاثة أعوام، لكن الأخير لم يكن قد تنحى.
وفي ألمانيا، دعا المؤتمر الأسقفي كنائس البلاد إلى دق أجراسها في الساعة 11:00 (10:00 بتوقيت غرينتش) تكريماً للمثقف البافاري. من جانبها، نكست إيطاليا الأعلام على المباني الرسمية، فيما أعلنت البرتغال يوم حداد وطنياً.
ووضعت وفاة البابا الفخري حداً لتعايش غير معتاد بين رجلين يرتديان اللباس الأبيض البابوي: في سابقة في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية الذي يعود إلى ألفي عام.
وعلى مدى ربع قرن، كان أستاذ اللاهوت اللامع الذي لا يرتاح كثيراً للتحدث أمام الإعلام والوجود وسط الحشود، الحارس الأمين لعقيدة الكنيسة في روما على رأس مجمع العقيدة والإيمان، قبل أن يُنتخب بابا عام 2005.
واتسمت حبريته بأزمات عدة على غرار فضيحة “فاتيليكس” عام 2012 التي كشفت عن شبكة فساد واسعة النطاق.
ومطلع 2022، طاردت فضيحة اعتداءات جنسية البابا الألماني بعدما اتُهم في تقرير صحافي في ألمانيا بإساءة إدارة العنف الجنسي في الثمانينيات عندما كان رئيس أساقفة ميونيخ. وكسر صمته ليطلب “الصفح” لكنه أكد أنه لم يتستر مطلقاً على الإساءة للأطفال والتقى عدداً من الضحايا.
وتم استدعاء أكثر من 1000 من أفراد قوات الأمن الإيطالية للمساعدة في تأمين الجنازة، وأُغلق المجال الجوي فوق مقر الباباوية بالفاتيكان على مدار اليوم.
ويقول الملخص المكتوب باللاتينية عن حبرية بنديكتوس والموضوع في النعش، إنه “حارب بحزم” ضد الاعتداءات الجنسية من قبل رجال الدين في الكنيسة.
وبينما أشادت شخصيات بارزة كثيرة بالبابا الراحل منذ وفاته، انتشرت انتقادات أيضاً بعضها من قبل ضحايا الاعتداء الجنسي من جانب رجال الدين، إذ اتهمه هؤلاء الضحايا بالسعي لحماية الكنيسة بأي ثمن.