تكافح الصين مجددًا أكبر موجة انتشار لكورونا شهدتها على الإطلاق، بعد تخليها عن نهجها الصارم الخاص بـ”صفر كوفيد”، وإعادة فتح حدودها جزئيًا بعد ثلاث سنوات من الإقفال بسبب الجائحة.
وأعلنت البلاد هذا الأسبوع، أنها ستسقط متطلبات الحجر الصحي للوافدين الدوليين، وتسمح للمواطنين الصينيين بالسفر للخارج، الأمر الذي كان محظورًا في السابق.
أدى ذلك إلى زيادة عدد المسافرين المتحمسين، الذين حجزوا على الفور رحلات جوية خارج البلاد، متعطشين لرحلة بعد سنوات عدة من العزلة، لكن في المقلب الآخر، أثار ذلك قلقًا بين بعض الحكومات في الخارج، مع ارتفاع إصابات “كوفيد-19” في الصين.
ويوم الاثنين، ثبتت إصابة نحو نصف المسافرين من الصين، البالغ عددهم 212 شخصًا، بكوفيد-19، الواصلين إلى مطار ميلانو الإيطالي، وفقًا لما ذكره رئيس الصحة الإقليمية، الأربعاء.
لكن فيما تتحرك دول، ضمنًا الولايات المتحدة واليابان لفرض قيود، أوضحت دول أخرى مثل فرنسا وبريطانيا العظمى أنها مستعدة للترحيب بالمسافرين الصينيين، الذين شكّلوا قبل الجائحة، محرّكًا رئيسيًا للسياحة الدولية.
ما هي الدول التي تفرض إجراء اختبار كوفيد؟
أعلنت اليابان، الثلاثاء، أنّ جميع المسافرين الذين كانوا على البر الرئيسي للصين، أو سافروا إلى هناك خلال 7 أيام سيخضعون لفحص للكشف عن “كوفيد-19” لدى وصولهم إلى البلاد اعتبارًا من يوم الجمعة، وأن الحكومة اليابانية ستحد من عدد الرحلات الجوية من الصين وإليها.
ومن جانبه، أشار رئيس الوزراء الياباني، فوميو كيشيدا، إلى نقص البيانات الرسمية للحكومة الصينية. وقال كيشيدا: “في حين أن هناك معلومات تفيد بأن العدوى تنتشر بسرعة في الصين القارية، فإن القلق يتزايد في اليابان حيث من الصعب فهم الوضع بشكل مفصّل”.
وفي الهند، طبقت السلطات المعنية إرشادات مماثلة على المسافرين ليس فقط من الصين، ولكن أيضًا من العديد من المواقع القريبة ضمنًا اليابان، وكوريا الجنوبية، وتايلاند.
وتهدف المبادئ التوجيهية إلى ضمان عدم انتشار “كوفيد-19” بسرعة كما هي الحال في الصين، وفق ما ذكرته السلطات الهندية، الثلاثاء.
كما أعلنت تايوان عن إجراء فحوص إلزامية عند الوصول للمسافرين الآتين من الصين القارية يوم الأربعاء. وحظرت الجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي دخول السيّاح الصينيين من البر الرئيسي منذ بداية الجائحة، وتسمح فقط للمواطنين الصينيين بالزيارة لأسباب تجارية أو عائلية.
وفي هذه الوجهات الثلاثة، سيُطلب من المسافرين الذين ثبتت إصابتهم بـ”كوفيد-19″ عند الوصول، بالخضوع للحجر الصحي لأيام عدة.
وفي الوقت عينه، أعلنت الولايات المتحدة أنّها ستطلب نتيجة فحص سلبية قبل المغادرة للمسافرين من الصين، ضمنًا هونغ كونغ وماكاو.
وتعد هذه الإجراءات ملفتة بشكل خاص نظرًا لأن معظم هذه الوجهات، لا سيّما في الغرب، أعادت فتح حدودها منذ فترة طويلة، وتخلت عن متطلبات الفحص كجزء من الانتقال إلى مرحلة التعايش مع “كوفيد-19”.
من جهتها، ردّت الصين الأربعاء، بالقول إن “كوفيد-19” لديها “تحت السيطرة”، واتهمت وسائل الإعلام الغربية بـ”تشويه” التغييرات السياسية الأخيرة.
وفي أوروبا، أعلنت إيطاليا، أول دولة في القارة تتعرّض لانتشار واسع النطاق لكوفيد عام 2020، أنّها ستطلب إجراء فحوص “كوفيد-19” من جميع المسافرين الآتين من الصين، حيث قال وزير الصحة إنه من الضروري تحديد “أي متحوّرات.. من أجل حماية السكان الإيطاليين”.
والخميس، أعلن المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها، أنّ الارتفاع الملحوظ بعدد الإصابات في الصين لم يكن متوقع أن يؤثّر على وضع كوفيد في الاتحاد الأوروبي، ووصفت الوكالة التابعة للاتحاد الأوروبي القيود المفروضة على المسافرين من الصين بأنها “غير مبرّرة”.
ما هي الدول التي ترحًّب بعودة المسافرين الصينيين؟
على نقيض ذلك، فتحت العديد من البلدان أبوابها ترحيبًا بعودة المسافرين الصينيين.
ونشرت إدارات السياحة والسفارات في كل من فرنسا، وتايلاند، وكندا، وأستراليا، ونيوزيلندا، والدنمارك، والنرويج، وهولندا، وإسبانيا، والبرتغال، والنمسا، وسويسرا رسائل عبر منصة “ويبو”، النسخة الصينية من “تويتر”، لدعوة السياح الصينيين.
وكتبت السفارة الفرنسية على موقع “ويبو”: “الأصدقاء الصينيون، فرنسا ترحب بكم بأذرع مفتوحة!”
بينما كتبت إدارة السياحة الوطنية التايلاندية: “تايلاند تنتظركم منذ ثلاث سنوات!”
احتفل العديد من مستخدمي “ويبو” بعودة حرّية السفر حديثًا، حيث حصد وسم “أين وجهة سفرك العام المقبل” نحو 80 مليون مشاهدة.
وقبل الجائحة، كانت الصين أكبر سوق في العالم للسفر إلى الخارج، حيث قفزت من 4.5 مليون مسافر عام 2000، إلى 150 مليون عام 2018.
كما تعد البلاد أيضًا أكبر منفق في العالم، إذ أنّها مسؤولة عن 277 مليار دولار أو نسبة 16% من إجمالي الإنفاق السياحي الدولي البالغ 1.7 تريليون دولار، وفقًا لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة.